إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

الطَّعَامُ الذِي بَيْنَ الأَسْنَانِ لَو ابْتَلَعَهُ الصَّائِمُ لَا يُفْطِرُ عِنْدَنَا مَعَاشِر المَالكيّة
 
قَال الحَطَّابُ المَالِكِيُّ فِي مَواهِبِ الجَلِيل في شرح مختصر خليل، كتاب الصيام باب ما يثبت به رمضان (فَرْعٌ) إِذَا ابْتَلَعَ الصَّائِمُ فِي النَّهَارِ مَا يَبْقَى بَيْنَ أَسْنَانِهِ مِنَ الطَّعَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَالِبٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ أَخْذَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَفِي يَدِهِ حَصْبَاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
 
وفي التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب للفقيه خليل بن إسحاق بن موسى ضياء الدين الجندي المالكي المصري (المتوفى 776هـ) (والْمَشْهُورُ أَلا قَضَاءَ فِي فَلْقَةٍ مِنَ الطَّعَامِ بَيْنَ الأسنان تُبْلَعُ) قال خليل رحمه الله (المشهور مذهب المدونة ولفظها وإن ابتلع فلقة حب بين أسنانه مع ريقه أو دخل حلقه ذباباً أو ذرعه القيء في رمضان فلا شيء عليه، وإطلاق القول بالقضاء لأشهب نقله عنه ابن عبد الحكم، ونقل عنه ابن حبيب أنه قال أحب إلي، وليس بالبين فظاهره أنه ثالث، وقيد الشيخ أبو محمد قول أشهب بوجوب القضاء بأن يمكنه طرحها، وأما لو ابتلعها غلبة فلا شيء عليه وكذلك قال اللخمي لا يفطر إذا كان مغلوباً واختلف في غير المغلوب إذا كان ساهياً أو جاهلاً أو عالماً، فقال في كتاب أبي مصعب إن كان ساهياً فعليه القضاء وإن كان متعمداً فعليه القضاء والكفارة).
 
وقَالَ النَّوَوِيُّ فِي المَجْمُوعِ (فَإِنْ أَصْبَحَ صَائِمًا وَفِي خَلَلِ أَسْنَانِهِ شَىءٌ فَابْتَلَعَهُ عَمْدًا أَفْطَرَ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة لَا يُفْطِرُ، وَقَالَ زُفَرُ يُفْطِرُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ).