إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ.
الله تعالى حض عباده على التوبة والاستغفار، وفي ذلك جاءت أحاديث وآثار شريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما جاء كذلك في كتاب الله تعالى.، فالله عز وجل مدح المستغفرين بالأسحار وهو قبيل دخول الفجر وهو وقت تتنزل فيه البركات، فقد قال الله عز وجل (والمستغفرين بالأسحار) (آل عمران 17)، وفي هذه الآية فضل الاستغفار في وقت السحر لأنه وقت إجابة، وقال الله تعالى (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً) (النساء 110)، وفي هذه الآية عرض التوبة على المذنب وحضه عليها وأن لا يتعاظم ذنبه، فإن الذنوب تصغر في جنب عفو الله تعالى وفضله.
وقد جاء في الحديث الشريف حض العباد على كثرة الاستغفار وأن الله تعالى لا يملّ من التوبة على عبده التائب النادم على ما اقترف من الذنوب والخطايا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)، وهذا الحديث ليس فيه حث على المعصية ولكن فيه دفع الناس إلى التوبة والاستغفار لأن الله عالم بأحوال العباد وبأن أكثر المؤمنين ليسوا من الأولياء الكاملين، فلذلك أمرهم بالتوبة كلما اقترفوا ذنباً، وفي ذلك ورد حديث نقله في مجمع الزوائد في باب المؤمن واه راقع، قال عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الْمُؤْمِنُ وَاهٍ رَاقِعٌ فَسَعِيدٌ مَنْ هَلَكَ عَلَى رَقَعِهِ) أي مات على التوبة، قال رواه الطبراني في الصغير والأوسط والبزاز وقال الطبراني ومعنى (واه) يعنى مذنب (وراقع) يعنى تائب مستغفر، وفيه سعيد بن خالد الخزاعي وهو ضعيف.