إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أحمد والترمذي وابن أبي الدنيا.
قوله عليه الصلاة والسلام (على دين خليله) أي على سيرة صاحبه، فإن مخالطة أهل الخير ومجالستهم تزرع في القلب محبة الخير والعمل به ومخالطة أهل الشر ومجالستهم تغرس في القلب حب الشر والعمل به، وعليك بتعليم الجاهلين وإرشاد الضالين وتذكير الغافلين، وعليك برحمة عباد الله والشفقة عليهم، وكن رحيمًا شفيقًا ألوفًا مألوفًا واجبر قلوب المنكسرين ولاطف الضعفاء والمساكين، وعليك بمواساة المقلّين، والتيسير على المعسرين، وإقراض المستقرضين، وتعزية من نزلت به مصيبة لِمَا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عزى مُصابًا فله مثل أجره) وإياك والشماتة بأحد من المسلمين، وهي أن تفرح بما ينزل به من المصائب لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام (لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك).
واحذر أن تُعير مسلما بذنب وقع فيه وفرج عن المكروبين، وقم بإماطة الأذى عن الطريق وارحم اليتيم وامسح على رأسه، واجتهد بإدخال السرور على قلوب المؤمنين وابتسم في وجوههم ففي الحديث (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).
وقال صلى الله عليه وسلم (الكلمة الطيبة صدقة)، عليك بإظهار الفرح لفرح المسلمين والحزن لحزنهم وإذا أسدى مسلم معروفًا فاعمل على شكره ومكافئته عليه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اصطنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تقدروا على ذلك فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه).
واحذر أن تدعو على نفسك أو على ولدك أو على مسلم بلا حق لقوله عليه الصلاة والسلام (لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم لئلا توافقوا ساعة إجابة).
وإياك أن تؤذي مسلمًا أو تسبه بغير حق، وإياك أن تلعن مسلمًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن المسلم كقتله).
وإياك والغيبة والنميمة مما يؤدي إلى التنافر والتدابر، فإن وقعت في ظلم أحد فبادر بالخروج من ذلك بالتوبة إلى الله وطلب المسامحة وإعادة الحقوق إلى أهلها، ففي الحديث (من كانت عليه لأخيه مظلمة فليستحل منه قبل أن يأتي يوم لا دينار فيه ولا درهم إنما هي الحسنات والسيئات).
ولتكن نيتك دومًا طلب مرضاة الله سبحانه وتعالى.
ومن أقوال العلماء (أوصيكم بالحلم والتواضع، أن يتواضع المعلم لمن يعلّم والمتعلم يتواضع لمن يعلّمه).