إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
بيان أنه لا يصلي أحد عن أحد وأن الصلاة لا تسقط بالكفارة المالية
سؤال: ما الدليل على أنه لا يجوز أن يصلي أحد عن أحد؟
الجواب:
فرض الله تعالى على كل مسلم مكلف خمس صلوات في اليوم والليلة فقال تعالى (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) (سورة النساء 103)، وقال تعالى (وأقيموا الصلاة) (سورة النساء 77) أي حافظوا عليها والأخبار النبوية في ذلك كثيرة، فمن تركها كلها أو بعضها استحق العذاب يوم القيامة، ومن مات وعليه صلاة كان تركها في الدنيا تهاونا وكسلا لا تبرأ ذمته ولا تسقط عنه ولا تصلى عنه ولا يدفع عن تلك الصلوات مال، ويدل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك)، وفي رواية عنه أيضا قال قال نبـي الله صلى الله عليه وسلم (من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها) رواهما مسلم.
قال الحافظ ابن حبان في صحيحه بعد أن روى الحديث ما نصه في قوله صلى الله عليه وسلم (فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) دليل على أن الصلاة لو أداها عنه غيره لم تـجز عنه، إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم قال (لا كفارة لها إلا ذلك) يريد إلا أن يصليها إذا ذكرها، وفيه دليل على أن الميت إذا مات وعليه صلوات لم يقدر على أدائها في علته لم يـجز أن يعطى الفقراء عن تلك الصلوات الحنطة ولا غيرها من سائر الأطعمة والأشياء). اهـ
قال الحافظ ابن بطال مِنَ الْمَالِكِيَّةِ في شرحه على صحيح البخاري كتاب الإيمان والنذور (وأجمع الفقهاء أنه لا يصلى أحد عن أحد فرضا وجب عليه من الصلاة ولا سنة، لا عن حى ولا عن ميت). اهـ ونقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
قَالَ الإِمَامُ الْمَازِرِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ مَا نَصُّهُ (اتَّفَقَ جَمَاعَةُ الفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُتَعَمِّدَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا). اهـ
وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب ممزوجا بالـمتن ما نصه (ولو مات وعليه صلاةٌ أو اعتكافٌ لم يقض ولم يفد عنه لعدم ورودهما، بل نقل القاضي عياض الإجماع على أنه لا يصلى عنه). اهـ
وقال في مغني المحتاج شرح المنهاج، ممزوجا بالمتن (ولو مات وعليه صلاةٌ أو اعتكافٌ لم يفعل) ذلك (عنه ولا فدية) له لعدم ورودها بل نقل القاضي عياضٌ الإجماع على أنه لا يصلى عنه. اهـ
وقال في نهاية المحتاج شرح المنهاج ممزوجا بالمتن (ولو مات وعليه صلاةٌ أو اعتكافٌ لم يفعل ذلك عنه ولا فدية له) لعدم ورودها بل نقل القاضي عياضٌ الإجماع على أنه لا يصلى عنه. اهـ
وقال في المبدع في شرح المقنع فقال في الفروع وظاهره أن صلاة الفرض لا تفعل، وذكره القاضي عياض إجماعا أنه لا يصلى عنه فائتة. اهـ
وقال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي في كشاف القناع ممزوجا بالمتن ما نصه (وأما صلاة الفرض فلا تفعل عنه) ذكر القاضي عياض إجماعا أنه لا يصلى عنه فائتة. اهـ