إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

لو تبينوا لنا عن فضل صلاة الضحى ولو موجزا؟
 
الجواب:
من النوافل العظيمة صلاة الضحى وقد رغَّب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يُصْبِحُ على كلّ سُلامَى مِن أحدِكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحى) وذلك أي الركعتان أقل صلاة الضحى، وقال أبو هريرة رضي الله عنه (أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ) رواه البخاري ومسلم.
وأدنى الكمال أربع وأكمل منه ست، قالت عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله) رواه مسلم.
 
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ).
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ (أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ) رواه مسلم.
قال الحافظ الفقيه أبو العباس أحمد بن عمر الأندلسي ثم القرطبي المالكي رحمه الله (وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء وأبي هريرة رضي الله عنهما تدل على فضيلة الضحى وكثرة ثوابه وتأكده ولذلك حافظا عليه ولم يتركاه) انتهى من المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم.
 
وصلاة الضحى يدخل وقتها بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح وذلك بعد الشروق بنحو ثلث ساعة وتصلى ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان، وفي الحديث (مَن حافظ على سُبحة الضحى (أي صلاة الضحى) دخل الجنة).
 
وقال ابن رشد رحمه الله (وأكثر الضحى ثمان ركعات وأقلها ركعتان) انظر التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب للشيخ خليل بن إسحاق الجندي المصري المالكي.
 
وجَاءَ في إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم لِلإِمَام الحَافظ أبى الفضل عيَاض بن مُوسَى بن عيَاض اليَحْصَبِى المَالِكِي ت 544 هـ باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمانى ركعات وأوسطها أربع ركعات أو ست، والحث على المحافظة عليها (قال الإمام (3) واختلف فى العدد الذى يجمع بين الركعات فى صلاة النافلة من غير فصل، فقال مالك لا يُجمع أكثر من ركعتين، وقال أبو حنيفة يُصلى اثنتين إن شاء، أو أربعاً، أو ستاً أو ثمانياً، ولا يزيد على الثمانِ، واعتمد مالك على حديث مثنى مثنى، وعلى حديث ابن عباس حين بات عند خالته ميمونة وقدم ذلك على غيره من الأحاديث لما ترجح به عنده من مصاحبة العمل وغير ذلك، واحتج المخالف للاثنين بهذه الأحاديث، وللأربع بما وقع فى حديث عائشة رضى الله عنها أنها قالت كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى الضحى أربعاً ربما فى صلاته عليه السلام فى الليل وكذلك حديث أم هانئ فى الثمان، ومالك قد يحمل ذلك على أنه كان يسلم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كل ركعتين ليس فى الأحاديث التصريح بأنه لم يسلم، ويحتج أيضاً المخالف فى نفيه المذكور بما فى حديث عائشة رضى الله عنها الذى فى الكتاب من صلاته عليه السلام فى الليل سبعاً وثمانياً، يرجح المخالف مذهبه بأنه يستعمل جميع الأحاديث ولا يسقط منها شيئاً ويقول فى المذهب الذى يؤدى إلى استعمال الأحاديث أرجح من الذى يسقط بعضها).
 
واختلف في أكثرها، فقال النووي الشافعي في المنهاج (وأكثرها اثنتا عشرة) ركعة لخبر أبي داود قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين أو أربعا كتبت من المحسنين أو ستا كتبت من القانتين أو ثمانيا كتبت من الفائزين أو عشرا لم يكتب عليك ذلك اليوم ذنب أو ثنتي عشرة بنى الله لك بيتا في الجنة) رواه البيهقي وقال في إسناده نظر وضعفه النووي في المجموع.
 
وقال النووي في الروضة (أفضلها ثمان وأكثرها ثنتا عشرة) ونقل في المجموع عن الأكثرين أن أكثرها ثمان وصححه في التحقيق.
 
وقالت أم هانئ (صلى النبي صلى الله عليه وسلم سبحة (2) الضحى ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين) رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري كما قاله في المجموع وفي الصحيحين عنها قريب منه.
ويسن أن يسلم من كل ركعتين وينوي ركعتين من الضحى ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال كما جزم به الرافعي في الشرحين والنووي في التحقيق والمجموع، والاختيار فعلها عند مضي ربع النهار لخبر مسلم (وصلاة الأوابين حين ترمض الفصال) بفتح الميم أي تبرك من شدة الحر في خفافها ولئلا يخلو كل ربع من النهار عن عبادة.
 
(1) وهي المفاصل في الجسم وهي ثلاثمائة وستون مَفْصَلاً.
(2) السبحة بضم السين الصلاة.
(3) الإمام الكبير المازري المالكي.