إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْس)، أَيْ لَيْسَ حَقِيْقَةُ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ مَتَاعِ الدُّنْيَا، لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ يَكُونُ فَقِيْرَ النَّفْسِ لَا يَقْنَعُ بِمَا أُعْطِيَ فَهُوَ يَجْتَهِدُ دَائِبًا فِي الزِّيَادَةِ وَلَا يُبَالِي مِن أَيْنِ يَأْتِيهِ الْمَالُ، مِن حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ، وَإِنَّمَا حَقِيْقَةُ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ الْمَحْمُودُ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَغْنِي صَاحِبُهُ بِالقَلِيلِ وَيَقْنَعُ بِهِ.