إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
أخبرَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلَّم بأنّه سيَأتي زمانٌ القابضُ فيه على دِينِه كقَابضٍ على جمر، وهذا الحديث صحيح رواه الطبراني، وهناك حديث أيضًا صحيح وهو أن الرسول صلّى الله عليه وسلَّم قال لأبي ثَعْلَبَة الخُشَنِي (مُرُوا بِالمَعْرُوْفِ وَانْهَوا عن المُنْكَر حَتَّى إِذَا رأَيْتُم شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَة وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِه فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِك وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ العَامَّة فَإِنَّ مِن وَرَائِكُم أَيَّامَ الصَّبْر لِلمُتَمَسِّكِ فِيْها بِمِثْلِ الّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِيْن) رواه البزار والترمذي.
هذان حديثان، هذا الحديث الأخير يُبَيّن أنّ الذي يَصبر ويَثْبُت على ما كانَ عليه أصحابُ رسول الله أي مِن حيثُ المعتقد ومِن حيثُ العمل بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أي مَن يَقْوَى على الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مع ما يُقاسيْه منَ النّاس مِنَ الاضطهاد والمخَالَفات والاعتراضاتِ والمشقّاتِ يكونُ لهُ أجرُ مَن كانَ يَعمَل بتلك الحال أي حالةِ الأمر بالمعروف والنّهيِ عن المنكر منكُم، يكونُ لهُ أجرُ خمسينَ منكم.
أليسَ يَصعُب الأمرُ بالمعروف والنّهيُ عن المنكر، ووَقتُنا هذا مِن ذلك الوقت، اليومَ الأمرُ بالمعروف والنّهيُ عن المنكر صَعبٌ صَعبٌ صَعب، فالذي يقومُ اليومَ مع صِحّةِ الاعتقادِ بالأمرِ بالمعروف والنّهيِ عن المنكرولا يُقَصِّر بل يقُوم بذلكَ كما أمَرَ اللهُ ولا يَخافُ في اللهِ لَوْمَةَ لاَئِم، لا يُبالي إنْ عَاداه قَريبُه أو صَديقُه أو غيرُ ذلكَ منَ النّاس، هذا لهُ مِن أجرِ الأمر بالمعروف والنَّهيِ عن المنكَر أَجْرُ خمسينَ مِن أولئكَ الصّحابة ليسَ معناه أنّه يَكونُ أفضَل مِن خمسِينَ منهم.