إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

حديث (مَن خَرج في طَلبِ العِلم فهوَ في سَبِيلِ اللهِ حتى يَرجِعَ) رواه الطبراني والترمذي.
 
الذي خرَجَ في طلَب العِلم في بلَدِه أو إلى بَلدِ غُربَة، الذي يَغتَرِبُ لطَلب العِلم الدّينيّ مِن بلَدِه إلى بلَدٍ آخَر، والذي يَخرُج مِن بَيتِه إلى مَكانٍ يتَلقّى فيه عِلمَ الدّين إن كانَ مَسجِدًا وإن كانَ غَيرَ مَسجِد فهو كأنّه ذاهِبٌ للجِهاد في سبيل الله، ثوابُه كثواب الخارج للجِهاد في سَبِيل الله.
 
والجهادُ في سبِيل الله دَرجةٌ عَاليةٌ مِن أعلَى الدّرجَات، الرسولُ صلى الله عليه وسلم شَبّه هذا الإنسانَ الذي خَرج لطلَب عِلم الدين مِن بَيتِه قَاصِدًا بلَدًا أُخرَى بعِيدَة أو قَريبَة أو مكانًا يتَلقّى فيهِ عِلم الدّين، شَبّهَه بالذي ذَهَب لقِتال الكفار أي الذي خَاطَر بنَفسِه قال إن قُتِلتُ فذَاكَ الأمر وإن قتَلتُ الكفّارَ فرجَعتُ سَالما فذاكَ الأمرُ الكُلُّ عندَه مَرغُوبٌ، إن ذهَب فقَاتَل هناكَ فقُتِل فهو يُعجِبُه ذلك وإن رَجَع سالما، قاتَل فرَجَع سَالما هنيئًا لهُ.
 
اللهُ تَبارك وتعالى جَعَل للمجاهدِين في سبِيله في الجنة مائةَ دَرجَة ما بَينَ دَرجَةٍ ودَرجَة كما بينَ السّماءِ والأرض، هذه المائةُ دَرجَة للمجَاهِدينَ في سَبِيل الله، هذا الذي خَرجَ يَطلُب عِلمَ الدّين مِثالُه كمِثال هذا الذي خَرج حَامِلا سِلاحَه لوَجْه الله تعالى ليُقاتِلَ أعداءَ الله، هذا معنى الحديث، وذلكَ لأنّ عِلمَ الدّينِ سِلاحٌ يُدافِع بهِ المؤمنُ الشّيطَان ويُدافعُ بهِ شيَاطِينَ الإنس ويُدافِعُ بهِ هَواه، وأمّا شيَاطين الإنس فهم هؤلاء الناس الذينَ يحَرّضُونَ النّاسَ على مَعاصي الله، الإنسانُ الذي يحَرّض النّاسَ على معاصي الله هذا يُقال لهُ شَيطَانُ الإنس.