إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

الإسلام هو الدِّين الذي رضيه الله لعباده وأمرنا باتباعه، الإسلام أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيًئا، قالَ اللهُ تعالى (إنَّ الدِّينَ عند الله الإسلام) سورة ءال عمران 19، وقالَ اللهُ تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلامِ دينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وهُوَ في الأَخِرَةِ مِنَ الخاسِرين) سورة ءال عمران 85.
 
فقديمًا كان البشر جميعهم على دين واحد هو الإسلام، وإنما حدث الشرك والكفر بالله تعالى بعد النبيِّ إدريس فكان نوحٌ أول نبيٍّ أُرسل إلى الكفار، قالَ اللهُ تعالى (كان الناسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ) سورة البقرة 213، فقام سيِّدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم بتجديد الدعوة إلى الإسلام بعد أن انقطع فيما بين النّاس في الأرض مُؤيدًا بالمعجزات الدالةِ على نبوته، فدخل البعضُ في الإسلام، وجحد (أي أنكر) بنبوته أهل الضلال، الذين منهم من كان مشركًا قبل (كفرقة من اليهود عبدت عُزيرًا) فازدادوا كفرًا إلى كفرهم، وآمن به بعضُ أهل الكتاب من اليهود والنصارى كعبد الله بن سلام عالم اليهود بالمدينة وأصحمة النجاشي ملك الحبشة وكان نصرانيًا.
 
والمبدَأُ الإسلامي الجامع لجميع أهل الإسلام عبادةُ الله وحْدَه، الأمر المشترك بين جميع أمم الأنبياء السابقين الإيقان والاعتراف بوجود إله واحد لا شريك له ولا مثيل له، لا يستحقّ أحدٌ أنْ يُعبدَ إلا هو، وأنه خلق المكان فلا يحتاج إليه، وأنه موجود بلا مكان ولا جهة لا يسكن السماء ولا يجلس على العرش، فعَّالٌ لما يريد (فليس ﻷحد أن يعترض على حُكمه) وأن الله ليس بظالم، وكل أمّةٍ كان فرضًا عليها أن تؤمن بنبوة نبيها حتى يُقْبَلَ منها إسلامها.