إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الآدَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ).
فَأَفْهَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ ضَامِنٌ وَكَافِلٌ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا أَيْ لِمَنْ تَرَكَ الْجِدَالَ الَّذِي لا يَعُودُ لِمَصْلَحَةٍ فِي الدِّينِ أَيْ لا يَعُودُ إِلَى إِحْقَاقِ الْحَقِّ وَلا إِبْطَالِ الْبَاطِلِ إِنَّمَا مُجَرَّدُ مُجَادَلَةٍ فِي الأُمُورِ التَّافِهَةِ وَنِزَاعٍ بِأَنْ يُعْطِيَهُ اللَّهُ بَيْتًا فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ أَيْ أَطْرَافِهَا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ هُوَ أَنْ يَعْمَلَ الْمَعْرُوفَ مَعَ الَّذِي يَعْرِفُ لَهُ إِحْسَانَهُ وَالَّذِي لا يَعْرِفُ لَهُ إِحْسَانَهُ وَأَنْ يَتَحَمَّلَ أَذَى النَّاسِ أَيْ يَصْبِرَ عَلَى أَذَى النَّاسِ وَأَنْ يَكُفَّ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ.