إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ المُرسلين سيِّدِنا محمَّد وعلى آلهِ وأصحابهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين وبعد، فقد قال الشيخُ الأكبر محيي الدين بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي ت 638 هـ (من قال بالحلول فدينه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد) (1) انتهى.
ومن الكتب التي يجب التحذير منها كتاب الفتوحات المكية فإنها تحتوي على كلمات كثيرة من الكفر الصريح الذي لا تأويل له كما قال المحدث الحافظ وليِّ الدين العراقي في رسالة له سمّاها الأجوبة المرضية، كذا يجب التحذير من كتاب فصوص الحكم وبعضٍ غيرها من مؤلفات الشيخ محيي الدين بن عربي رضي الله عنه.
وأمّا الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه فاعتقادنا فيه أنه من العلماء الصالحين والصوفية الصادقين الزاهدين، ترجمه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان، وذكر أنه اعتدّ به حُفّاظ عصره كابن النجار.
وأكثر ما في كتابيه المذكورين مما هو مدسوس عليه مما ليس من كلامه كلمات الوحدة المطلقة، ففي كتابه الفتوحات المكية ما يخالف ذلك فإن فيها ذم عقيدة الوحدة المطلقة، وذم عقيدة الحلول، فمما فيه لإبطال الوحدة المطلقة والحلول قوله في الفتوحات المكية (ما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد، ومن قال بالحلول فدينه معلول) فبعد هاتين العبارتين الصريحتين في ابطال عقيدة الوحدة المطلقة وعقيدة الحلول، لا يجوز أن يصدّق على الشيخ محيي الدين ما في بعض المواضع الأخرى من هذا النوع.
(1) ما هي عقيدةُ الحلول وعقيدةُ الاتحاد؟
احذروا أيُّها الأحبَّة هاتين العقيدتين، عقيدةِ الحلول وهي اعتقاد أنَّ اللهَ حالٌ في الخَلْق، ويوجد مِمَّن يدَّعي الإسلام مَنْ يعتقدُ هذه العقيدة يعتقدون أنَّ اللهَ داخلٌ في الخَلْقِ، داخلٌ في الشجرِ، داخلٌ في الإنسانِ، داخلٌ في الأرضِ وهذه عقيدةٌ فاسدةٌ ضدُّ القرآن، مَنْ اعتقدَها فهو كافرٌ لا يكون من المسلمين، وكذلك عقيدةُ الاتحاد وهؤلاء يقولون الله والعالم شىءٌ واحد، وهذا أيضًا كفرٌ لا يجوز اعتقاده ويجب التحذير من هذه العقيدة.
الله تعالى يقول (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، اللهُ تعالى أثبتَ وجودَ نفسهِ ووجودَ العالمين، وجودَ هذا العالم، اللهُ شىءٌ لا كالأشياء، وهذا العالم شىء موجود، اللهُ تعالى خلقهُ لم يكن هذا العالم، أبرزهُ اللهُ تعالى من العدمِ إلى الوجود، العالم مخلوق، كيف يُقال اللهُ والعالم شىءٌ واحد؟ ما أفسدَ هذه العقيدة، وكيف يُقال اللهُ داخلٌ في كل شىء؟ ما أفسدَ هذه العقيدة.
الصوفيةُ الصادقون، الصوفيةُ الحقيقيون يعتقدون التنزيه لا يعتقدون الحلول ولا يعتقدون الاتحاد، افتُريَ على بعضهم كالشيخ مُحيّ الدِّين بن عربي رحمهُ الله نُسِبَ إليه هذه العقيدة، وهي عقيدةٌ فاسدةٌ وهو بريءٌ من ذلك، فقد قال رضي الله عنه (مَنْ قالَ بالحلول فدِينُهُ مَعلول، ومَا قالَ بالاتحاد إلا أهلُ الإلحاد) فإذًا عقيدةُ الحلول فاسدة، وعقيدةُ الاتحاد فاسدة. ما هي عقيدةُ النَّبيِّين؟ ما هي عقيدة المسلمين؟ أنّ اللهَ موجودٌ لا يُشبِهُ شيئًا ولا يَحُلُّ في شىءٍ ولا يَحُلُّ فيه شىء، هذه عقيدة المسلمين، اللهُ ليس جسمًا لطيفًا كالروح، الروح يدخلُ في الإنسان في الجنيّ، في الحيوان في الملائكة لما يكون حيًّا يكون الروح فيه، إذا فارقهُ الروحُ صار هذا الإنسان هذا الحيوان ميتًا، الروح مخلوق والإنسان مخلوق أمَّا اللهُ تعالى فهو الخالِق وليس بمخلوقٍ ولا يُشبِهُ شيئًا من الخلق بأي وجهٍ من الوجوه.
والله تعالى أعلم وأحكم.