إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

قَالَ الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ) (سورة الأحزاب آية 53).

 

قَولُ الله تعالى (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ)، أَزواجُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بَعدَما نزَلت آيةُ الحِجَاب، أمَرَ اللهُ تبارك وتعالى المؤمنينَ أي الرِّجال إذا سَأل أحَدٌ منهُم إحداهن مَتَاعًا (أي حَاجَةً كما روى ذلكَ السّيوطي عن السُّدِّي في الدُّرِّ المنثور) أن يَسألهنَّ مِن وراءِ حِجاب أي أن يكون بَينَ أزواجِ رسولِ الله وبَينَ هَذا السّائلِ حِجَابٌ، سِترٌ، أمّا قبلَ نُزولِ آيةِ الحجاب كُنّ أزواجُ رسولِ الله يَظهَرْنَ للنّاس حتّى إنّه مَرّةً سيدُنا عمر والرسولُ وعائشة كانُوا يأكلونَ مِنْ إناءٍ واحِدٍ فمَسّت يَدُ عُمرَ يَدَ عائشةَ بغَيرِ عَمْدٍ فتَمنّى عُمرُ أنْ يُنزِلَ اللهُ وَحْياً بالحِجاب أي بمنع أزواجِ رسول الله مِن البُروز للناسِ كما تَبرُز النساءُ الأُخرَيات.

 

أزواجُ الرسولِ بعدَ أن نزلَت آيةُ الحِجاب حتى الوجه يجبُ تغطيتُه علَيهِنّ، أمّا غيرُ أزواجِ الرّسول وجههن ليسَ بعَورة إنما العورةُ هو ما سوى الوجهِ والكفّين بالنِّسبةِ إليهنّ.