إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قال الفقيه الحنفي محمد أمين الشهير بابن عابدين (ت 1252هـ) في كتاب رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، ج 6 – 354، باب المرتد (شرعا الراجع عن دين الإسلام، وركنها إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد الإيمان، هذا بالنسبة إلى الظاهر الذي يحكم به الحاكم وإلا فقد تكون بدونه كما لو عرض له اعتقاد باطل أو نوى أن يكفر بعد حين). اهـ
وقال البدر الرشيد الحنفي (ت 768 هـ) في رسالة له في بيان الألفاظ الكفرية ص – 19 (من كفر بلسانه طائعا وقلبه على الإيمان إنه كافر ولا ينفعه ما في قلبه ولا يكون عند الله مؤمنا لأن الكافر إنما يعرف من المؤمن بما ينطق به فإن نطق بالكفر كان كافرا عندنا وعند الله). اهـ
وقال الشيخ ملا علي القاري الحنفي (ت 1014 هـ) في شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ص – 274 (ثم اعلم أنه إذا تكلم بكلمة الكفر عالما بمعناها ولا يعتقد معناها لكن صدرت عنه من غير إكراه بل مع طواعية في تأديته فإنه يحكم عليه بالكفر). اهـ
وجاء في كتاب الفتاوى الهندية في مذهب الإمام أبي حنيفة قام بتأليفها جماعة من علماء الهند برئاسة الشيخ نظام الدين البلخي بأمر من سلطان الهند أبي المظفر محيى الدين محمد أورنك زيب ج 2 – 259 و261 ما نصه (يكفر بإثبات المكان لله تعالى، وكذا إذا قيل لرجل ألا تخشى الله تعالى، فقال في حالة الغضب لا، يصير كافرا،كذا في فتاوى قاضيخان). اهـ
وقال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي (ت 483 هـ) في كتابه المبسوط، في المجلد الثالث ج 5 – 49، ما نصه (باب نكاح المرتد وإذا ارتد المسلم بانت منه امرأته مسلمة كانت أو كتابية دخل بها أو لم يدخل بها عندنا). اهـ
وقال الإمام عبد الله بن أحمد النسفي (ت 701 هـ) في كنـز الدقائق، كتاب السير (أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الرِدة تُبْطِلُ عِصْمَةَ النِّكَاحِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِنَفْسِ الرِّدةِ). اهـ
وقال الشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي (ت 1298 هـ) في اللباب في شرح الكتاب، ج 3 – 28 ما نصه (وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت الفرقة بينهما بغير طلاقٍ). اهـ
وقال الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي (1143هـ) في كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني ص – 124، ما نصه (وأما أقسام الكفر فهي بحسب الشرع ثلاثة أقسام ترجع جميع أنواع الكفر إليها، وهي التشبيه، والتعطيل، والتكذيب…).
وأما التشبيه فهو الاعتقاد بأن الله تعالى يشبه شيئًا من خلقه، كالذين يعتقدون أن الله تعالى جسمٌ فوق العرش، أو يعتقدون أن له يدَين بمعنى الجارحتين، وأن له الصورة الفلانية أو على الكيفية الفلانية، أو أنه نور يتصوره العقل، أو أنه في السماء، أو في جهة من الجهات الست، أو أنه في مكان من الأماكن، أو في جميع الأماكن، أو أنه ملأ السموات والأرض، أو أنَّ له الحلول في شىء من الأشياء، أو في جميع الأشياء، أو أنه متحد بشىء من الأشياء، أو في جميع الأشياء، أو أن الأشياء منحلَّةٌ منه، أو شيئًا منها. وجميع ذلك كفر صريح والعياذ بالله تعالى، وسببه الجهل بمعرفة الأمر على ما هو عليه.