إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قولُ الله تعالى ﴿فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ هذِه الآيةُ تُبْطِلُ قَوْلَ مَن قالَ النَّبِيُّ ليسَ مَأْمُورًا بالتَّبْلِيغ
مِن أَوضَح الدّليل على أنّ النّبيّ مَأمُورٌ بالتّبلِيغ عَكس ما قالَه محمد سَعيد البُوطِي قولُ الله تعالى (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) هذهِ الآيَةُ نَصٌّ على أنّ كلَّ نَبيّ مَأمُورٌ بالتّبليغ بالتّبشِير والإنذار وأيُّ مَعنًى لتنبئة النّبي لنَفسِه فَقط مِن غَيرِ أن يكونَ عليهِ تَبليغُه لغَيرِ نَفسِه، وقائلُ تلكَ المقالَة لا يَستَطيعُ أن يُثبِتَ عن إمام مِن الأئمّة في الأحكام أو في عِلم الكلام السُّنّي كالإمام الأشعَري والماتريدي ما ادّعاه أنّه مُجمَعٌ عليه (سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ).
والنبىُ هو إنسانٌ أَوحَى الله تبارك وتعالى إليه أَنزل عليه الوحىَ، فإذا أُمِرَ باتباعِ شرعِ رسولٍ كان قبلَه وتبليغِه للناس فهو نبى غيرُ رسول، وإن أُوحِىَ إليه بشرعٍ جديد فإنه نبىٌ رسول مثل ءادم نوح موسى عيسى محمد وغيرهم صلى الله عليهم أجمعين.
فما يقولُه بعض الناس من أن النبىَ إنسانٌ أوحى اللهُ إليه بشرعٍ لكن لمْ يُؤمر بتبليغه غلطٌ لا يُؤخذُ به، والتعريف الذى ذكرناه فى الفَرقِ بين النبى الرسول والنبى غير الرسول هو المعتمد الذى ذكرَه الإمام عبدُ القاهر التميمى وغيرُه وكان منذ نحو ألف سنة.
وقال الحافظ أحمد بن الصديق الغماري المغربي الإدريسي الحسني فيه إشارة إلى المعنى الصحيح للفرق بين النبي والرسول فقد قال في جؤنة العطار صحيفة 40 (الفرقُ بين النبيِّ والرسولِ دقيقٌ وقد خَفِي على كثيرٍ من الناسِ، والمشهورُ في كتبِ المتكلمينَ في الفرقِ بينَهما أنَّ الرسولَ إنسانٌ أوحيَ إليهِ بشرعٍ وأمِرَ بتبليغِه والنبيُّ إنسانٌ أوحيَ إليهِ بشرعٍ فلم يؤمر بتبليغه وهذا كلام جاهل بالسنةِ والأخبارِ بل وبصريحِ القرءانِ).