إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

 

معنى الشهادة الثانية
 
مَعْنَى أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ وَأَعْتَرِفُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَيَتْبَعُ ذَلِكَ اعْتِقَادُ أَنَّهُ وُلِدَ بِمَكَّةَ وَبُعِثَ بِهَا وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَ فِيهَا، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَبَلَّغَهُ عَنِ اللَّهِ فَمِنْ ذَلِكَ:
 
عَذَابُ الْقَبْرِ وَنَعِيمُهُ وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَالْبَعْثُ وَالْحَشْرُ وَالْقِيَامَةُ وَالْحِسَابُ وَالثَّوَابُ وَالْعَذَابُ وَالْمِيزَانُ وَالنَّارُ وَالصِّرَاطُ وَالْحَوْضُ وَالشَّفَاعَةُ وَالْجَنَّةُ وَالرُّؤْيَةُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْعَيْنِ فِي الآخِرَةِ بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ أَيْ لا كَمَا يُرَى الْمَخْلُوقُ، وَالْخُلُودُ فِيهِمَا.
 
وَالإِيْمَانُ بِمَلائِكَةِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرهِ وَشَرِّهِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ وَلِدِ ءَادَمَ أَجْمَعِينَ.
 
وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ يَجِبُ أَنَّ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ وَالْفَطَانَةِ، فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ وَالْخِيَانَةُ وَالرَّذَالَةُ وَالسَّفَاهَةُ وَالْبَلادَةُ، وَتَجِبُ لَهُمُ الْعِصْمَةُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا، وَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي لَكِنْ يُنَبَّهُونَ فَوْرًا لِلتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ.
 
فَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ النُّبُوَّةَ لا تَصِحُّ لإِخْوَةِ يُوسُفَ الَّذِينَ فَعَلُوا تِلْكَ الأَفَاعِيلَ الْخَسِيسَةَ وَهُمْ مَنْ سِوَى بِنْيَامِينَ. وَالأَسْبَاطُ الَّذِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْوَحْيُ هُمْ مَنْ نُبِّئَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ.