إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
بسم الله الرحمن الرحيم ،
عقيدة الإمام عبد الرحمن بن القاسم (المُتوفى سنة 191هـجري) تلميذ الإمام مالك
ابن القاسم رحمه الله كان على عقيدة تنزيه الله عن مشابهة خلقه.
قال النسائي : ابن القاسم ثقة رجل صالح, سبحان الله, ما أحسن حديثه ، وأصحه عن مالك ليس يختلف في كلمة ، ولم يرو أحد الموطأ عن مالك أثبت من ابن القاسم ، وليس أحد من أصحاب مالك عندي مثله ، قيل له : فأشهب ؟ قال ولا أشهب ولا غيره، هو عجب من العجب : الفضل والزهد، وصحة الرواية
وحسن الحديث ، حديثه يشهد له. انتهى
كان رحمه الله ينكر عقيدة المشبهة المجسمة وقد نقل في ذلك مقالات الإمام مالك رضي الله عنه مقرا لها:
– قال ابن أبي زمنين المالكي في كتاب أصول السنة (1 / 29):ما نصه: قال – يعني ابن القاسم -: وكان مالك يعظم أن يحدث أحد بهذه الأحاديث التي فيها: أن الله خلق آدم على صورته وضعفها. انتهى
– و قال الذهبي في سير الأعلام 8/103 ما نصه : -قال- أبو أحمد بن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني ، حدثنا إسحاق ابن إبراهيم بن جابر ، حدثنا أبوزيد بن أبي الغمر ، قال قال ابن القاسم: سألت مالكاً عمن حدث بالحديث الذين قالوا: إن الله خلق آدم على صورته. والحديث الذي جاء: إن الله يكشف عن ساقه ، وأنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد. فأنكر مالك ذلك إنكاراً شديداً ونهى أن يحدث بها أحد ! فقيل له: أن ناساً من أهل العلم يتحدثون به فقال: من هو ؟ قيل ابن عجلان عن أبي الزناد. قال: لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء ، ولم يكن عالماً. وذكر أبا الزناد فقال: لم يزل عاملاً لهؤلاء حتى مات. رواها مقدام الرعيني عن ابن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا: حدثنا ابن القاسم. انتهى
– ونقل ابن القاسم عن الإمام مالك أنه قال: لا ينبغي لأحد أن يصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، ولا يشبه كذلك بشيء ، وليقل : له يدان كما وصف نفسه ، وله وجه كما وصف نفسه ، تقف عند ما في الكتاب ، لأن الله سبحانه لا مثل له ولا شبيه ولا نظير له. انتهى
انظر النوادر والزيادات 14/553 لابن أبي زيد و البيان والتحصيل16/400 وأصول السنة صحيفة 75 لابن أبي زمنين المالكي.
– وجاء في شرح الشفا لملا علي القاري ممزوجا بالمتن ما نصه: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لكفرهم إجماعا بإنكاره تكليمه مع وروده في القرآن “وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً”. قال الانطاكي ونحو قول ابن القاسم هذا عن أحمد بن حنبل فإنه روي عنه أنه قال من زعم أن الله لم يكلم موسى فهو كافر.
هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم ، صحب الإمام مالكاً عشرين عاماً ، كان من تلاميذ الإمام مالك المخلصين ، فقد قال له الإمام مالك ذات يوم : (( اتق الله وعليك بنشر العلم )) . كان الحجة الأولى في مذهب مالك حتى إن زميله عبد الله بن وهب وهو أطول التلاميذ صحبة لمالك يقول عنه : (( إذا أردت هذا الشأن يعني الفقه عند الإمام مالك ، فعليك بابن القاسم فإنه انفرد به وشُغِلنا بغيره )) . توفى في مصر شهر صفر سنة 191 هـ وكان عمره ثلاثة وستين عاماً رحمه الله تعالى رحمة واسعة
والحمد لله رب العالمين، والعزة للإسلام، والله تعالى أعلم وأحكم