إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
س: ما درجة الحديث الذي فيه عن الله : ((كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء)).
الجواب :
قال الحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه : “هذا حديث تفرد به يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس ، وليس لوكيع راو غير يعلى والعماء السحاب . إعلم أن الفوق والتحت يرجعان إلى السحاب لا إلى الله تعالى ، وفي معنى فوق ، فالمعنى : كان فوق السحاب بالتدبير والقهر ، ولما كان القوم يأنسون بالمخلومات ، سألوا عنها ، والسحاب من جملة خلقه ، ولو سئل عما قبل السحاب ، لاخبر أن الله تعالى كان ولا شئ معه ، كذلك روي عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” كان الله ولا شئ معه “اهـ
هذا حديث لا يحتج به في أمور العقائد لأسباب منها أن حماد بن سلمة لا تقبل أخباره في الصفات البتة، وكذلك يضعف هذا الحديث بوكيع بن عدس لأنه مجهول لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء ، قال الحافظ في ” تهذيب التهذيب ” (11 / 115) : ” قال : ابن قتيبة في اختلاف الحديث : غير معروف ، وقال ابن القطان : مجهول الحال ” اه
قال الترمذي رحمه الله تعالى في سننه (5 / 228) بعدما رواه : ” قال يزيد بن هارون : العماء أي ليس معه شئ ” وأقره وبذلك يكون مؤولا عند يزيد بن هارون والترمذي .
وقال الحافظ ابن حبان في صحيحه (8 / 4) عقب روايته له : ” وهم في هذه اللفظة حماد بن سلمة . . . يريد به أن الخلق لا يعرفون خالقهم من حيث هم إذ كان ولا زمان ولا مكان ، ومن لم يعرف له زمان ولا مكان ولا شئ معه لانه خالقها كان معرفة الخلق إياه كأنه كان في عماء عن علم الخلق لا أن الله كان في عماء ، إذ هذا الوصف شبيه بأوصاف المخلوقين ” . اه