إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

أما موضوع الجهة فإن مجسمة هذا العصر يعمدون إلى التمويه على الناس فيقولون: “الله موجود في جهة ما وراء العالم”، فلبيان الحق من الباطل نبيّن معنى الجهة من أقوال العلماء من فقهاء ومحدثين ولغويين وغيرهم.
 
8 ـ قال اللغوي الشيخ محمد بن مكرّم الإفريقي المصري المعروف بابن منظور، كان عارفًا بالنحو واللغة والأدب (711هـ) ما نصه: “والجِهةُ والوِجْهةُ جميعًا: الموضع الذي تتوجه إليه وتقصده” اهـ
 
9 ـ وقال الشيخ مصطفى بن محمد الرومي الحنفي المعروف بالكستلي (901هـ) ما نصه: “قد يطلق الجهة ويراد بها منتهى الإشارات الحِسيّة أو الحركات المستقيمة فيكون عبارة عن نهاية البُعد الذي هو المكان، ومعنى كون الجسم في جهة أنه متمكّن في مكان يلي تلك الجهة، وقد يُسمى المكان الذي يلي جهة ما باسمها كما يقال فوق الأرض وتحتها، فيكون الجهة عبارة عن نفس المكان باعتبار إضافة ما” اهـ.
 
10ـ وقال اللغويُّ مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزءابادي (817هـ) ما نصه: “والجهة: الناحية، ج: جهات” انتهى باختصار.
 
11ـ وقال العلاّمة كمال الدين أحمد بن حسن المعروف بالبياضي، وكان وَلِيَ قضاء حلب (1098هـ) ما نصه: “والجهة اسم لمنتهى مأخذ الإشارة ومقصد المتحرك فلا يكونان إلا للجسم والجسمانيّ، وكل ذلك مستحيل ـ أي على الله ـ” اهـ.
 
12ـ وقال الشيخ عبد الغني النابلسي (1143هـ) ما نصه: “والجهة عند المتكلمين هي نفس المكان باعتبار إضافة جسم ءاخر إليه” اهـ.
 
13ـ وقال الشيخ سلامة القضاعي الشافعي (1376هـ) ما نصه: “واعلم أن بين المقدرات من الجواهر التي هي الأجسام فما دونها وبين المكان والجهة لزومًا بَيّنًا، وهو ما لا يحتاج عند العقلاء إلى دليل، فإن المكان هو الموضع الذي يكون فيه الجوهر على قدره، والجهة هي ذلك المكان لكن بقيد نسبته إلى جزء خاص من شىء ءاخر” اهـ.
 
14ـ وقال الشيخ العلامة المحدّث الفقيه عبد الله الهرري الشافعي الأشعري ما نصه: “وإذا لم يكن ـ الله ـ في مكان لم يكن في جهة، لا عُلْوٍ ولا سُفلٍ ولا غيرهما لأنها إما حدود وأطراف للأمكنة أو نفس الأمكنة باعتبار عروض الإضافة إلى شىء” اهـ.