إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
إعلم أن أعظم حقوق الله تعالى على عباده هو توحيده تعالى وأن لا يشرك به شيء
لأن الإشراك بالله هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو الذنب الذي لا يغفره الله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
وكذلك جميع أنواع الكفر لا يغفرها الله لقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) (محمد:34)
الشرح :
معرفة الله تعالى مع إفراده بالعبادة أي نهاية التذلل هو أعظم حقوق الله على عباده ،
وأكبر ذنب يقترفه العبد هو الكفر وهو على نوعين : كفر شرك وكفر غير شرك ، فكل شرك كفر وليس كل كفر شركاً .
لذلك كان أعظم حقوق الله على عباده أن يعبده ولا يشركوا به شيئا .
وقد أخبر الله تعالى أنه يغفر كل الذنوب لمن شاء من عباده المسلمين المتجنبين للكفر بنوعيه الإشراك بالله تعالى الذي هو عبادة غيره , والكفر الذي ليس فيه إشراك كتكذيب الرسول والاستخفاف بالله أو برسوله مع توحيد الله تعالى وتنزيهه .
ومما يدل على ذلك أيضا قوله عليه الصلاة والسلام : ” إن الله ليغفر لعبده ما لم يقع الحجاب ” قالوا : وما وقوع الحجاب يا رسول الله ؟ قال : ” أن تموت النفس وهي مشركة ” رواه أحمد .
فالكفر بجميع أنواعه هو الذنب الذي لا يغفره الله أي لمن استمر عليه إلى الموت أو إلى حالة اليأس من الحياة برؤية ملك الموت وملائكة العذاب أو إدراك الغرق ونحوه فذاك ملحق بالموت .
فالحاصل أن الكفر لا يغفر إلا بالإسلام في الوقت الذي يكون مقبولا فيه ،
فمن أسلم بعد الوقت الذي يقبل فيه فلا يمحو إسلامُه كفرَه .
فالكفر هو أعظم الذنوب ، وبعده قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق . وأما قوله تعالى :
( والفتنة أشد من القتل ) أي الشرك أشد من القتل ،
فالشرك هو أعظم الظلم لقوله تعالى : ( إن الشرك لظلم عظيم )
وقوله : ( والكافرون هم الظالمون ) ومعناه أكبر الظلم هو الكفر .
: وكذلك جميع أنواع الكفر لا يغفرها الله لقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) (محمد:34)
الشرح : هذه الآية فيها النص على أن من مات كافرا لا يغفر الله له . وهذا يؤخذ من قوله تعالى : ( ثم ماتوا وهم كفار ) لأن هذا قيد لعدم المغفرة لهم .
ومعنى ( و صدوا عن سبيل الله ) أي ومنعوا الناس من الدخول في الإسلام ، وليس هذا شرطا للحرمان من المغفرة بل الكافر محروم من المغفرة إن منع الناس من الإسلام أو لم يمنع ؛ لكن الكافر الذي يصد *الناس من الإسلام أشد ذنبا من الكافر الذي يكفر بنفسه ولا يصد غيره عن الإيمان