إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نور العين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ورضي الله عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحشرنا معهم وأراحنا من اعدائهم، ءامين
أخي المسلم فلتعلم أن الله سبحانه وتعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها، جعل الأدوية أسبابًا للشفاء، وهو خالق الأدوية وخالق الشفاء بها، كذلك جعل الله تعالى التوسل بالأنبياء والأولياء سببًا لنفع المتوسلين، ولولا أن التوسل سبب من أسباب الانتفاع ما علّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمى التوسل به، فقد روى الطبراني في معجميه الكبير والصغير عن عثمان بن حنيف “أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك، وقال: ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، ثم رح حتى أروح معك. فانطلق الرجل ففعل ما قال، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه على طِنْفسته، فقال: ما حاجتك؟ فذكر له حاجته، فقضى له حاجته وقال: ما ذكرتُ حاجتك حتى كانت هذه الساعة، ثم خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال: جزاك الله خيرًا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليّ حتى كلمته فيّ، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره، فقال: “إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك”، قال: يا رسول الله إنه شقّ عليّ ذهاب بصري وإنه ليس لي قائد، فقال له: “ائت الميضأة فتوضأ وصلّ ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك…” إلى ءاخر الدعاء. قال عثمان بن حنيف: ففعل الرجل ما قال، فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر كأنه لم يكن به ضرٌّ قطّ“. قال الطبراني في معجميه بعد إيراد الحديث بسنده والحديث صحيح.
فهل ننكر على النبي والعياذ بالله ونقول لم علمت الأعمى هذا ولم تعلمه أن يسأل الله تعالى ويستغيث بالله من غير واسطة؟؟؟
ثم ألم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسال الله بحق السائلين ومن ذلك ما جاء في الحديث من أن من قال إذا خرج إلى المسجد: “اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك“ وهذا الحديث رواه رواه ابن ماجه في سننه وحسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في نتائج الأفكار والحافظ أبو الحسن المقدسي في الترغيب والترهيب والحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار وغيرهم …
لاحظ معي يا أخي المسلم كيف علمنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أن نقول “اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا” فهل نقول بحق ممشاي ولا نقول بحق سيدنا محمد او بحق أبي بكر او عمر او عثمان أو علي أو أبي حنيفة أو الشافعي… سبحانك ربي نسألك أن تهدي منكري التوسل وتردهم إلى جادة الصواب. ءامين
وهاك ما ذكره ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر عن أبيه من “أن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد، فيشفع ليقضى بين الخلق“
ومما يستدل به ما رواه رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين من أن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قال “لما اعترف ءادم عليه السلام بالخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا ءادم، وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه، قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: “لا إله إلا الله محمد رسول الله” فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا ءادم، إنه لأحب الخلق إليّ، إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك“. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب. ورواه البيهقي أيضًا في دلائل النبوة.
لماذا لم يقل سيدنا آدم يا رب اغفر لي يا رب أغثني ؟؟؟ لماذا قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي؟ ولماذا لا يستغيث الناس يوم القيامة مباشرة بالله من دون واسطة؟؟؟ فليرد علينا منكرو التوسل إن استطاعوا
وقد ثبت أيضًا أن ابن عباس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إنّ لله ملائكة سوى الحفظة سياحين يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة في فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوا“ رواه الحافظ ابن حجر في الأمالي وحسنه.
هل نقول للنبي صلى الله عليه وسلم، كيف نستغيث بعباد الله (الملائكة) لماذا لا نقول يا رب أعني، ؟؟؟؟!!!!!!!! الحمد لله على نعمة العقل والفهم الصحيح
أخي المسلم إن الله تعالى هو خالق التوسل وخالق النفع الذي يحصل به بإذن تعالى، فالتوسل بالأنبياء والأولياء من باب الأخذ بالأسباب، والمؤمن الذي يتوسل بالأنبياء والأولياء لا يعتقد أن كونهم وسطاء بينه وبين الله بمعنى أن الله يستعين بهم في إيصال النفع للمتوسل أو أنه لا يستقلّ بذلك، بل يراهم أسبابًا جعلها الله لحصول النفع بإذنه. ثم إن مقصود المتوسل قد يحصل وقد لا يحصل كما أن الذي يتداوى بالأدوية قد يحصل له الشفاء بها وقد لا يحصل. فقول المنكرين لمَ تجعلون وسائط بينكم وبين الله، ولم لا تطلبون حاجاتكم من الله، كلام لا معنى له، لأن الشرع رخّص للمؤمن بين أن يطلب من الله حاجته بدون توسّل وبين أن يطلب حاجته مع التوسل، فالذي يقول: اللهم إني أسألك بنبيك، أو: بجاه نبيك، أو نحو ذلك، فقد سأل الله، كما أن الذي يقول: اللهم إني أسألك كذا وكذا قد سأل الله، فكلا الأمرين سؤال من العبد ربه، وكلاهما داخل تحت حديث: “إذا سألت فاسأل الله”.
والله أعلم واحك