إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

قال الله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} سورة البقرة.
 
أي أن الناس كانوا كلهم على دين واحد وهو الإسلام ثم اختلفوا فبعث الله النبيين.
 
وروى الشيخان وأحمد وابن حبان وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«الأنبياء إخوةٌ لعَلات دينُهم واحد وأمهاتُهم شتى» ، والمعنى أن الأنبياءَ كلَّهم على دين واحد هو دين الإسلام فكلُّهم دعَوا إلى عبادة الله وحده وعدمِ الإشراك به شيئًا والتصديقِ بأنبيائه، ولكنَّ شرائعَهم مختلفةٌ أي الأحكام، ومثال ذلك: أنه كان مفروضًا في شرائع أنبياءِ بني إسرائيل كموسى صلاتان في اليوم والليلة، وفي شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خمسُ صلوات.
 
وكان جائزًا في شرع سيدنا يعقوب عليه السلام أن يجمع الرجلُ في الزواج بين المرأة وأختها وهو محرّم في شرع محمد صلى الله عليه وسلم، وكان جائزًا في الشرائع القديمة أن يسجد المسلم للمسلم للتحية وهو محرم في شرعنا، فقد صح أن معاذ بن جبل لما قدم من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم
 
فقال له الرسول:«ما هذا»؟
 
قال:يا رسول الله رأيت أهل الشام يسجدون لبطارقتهم وأساقفتِهم وأنت أولى بذلك
 
قال:«لا تفعل، لو كنت ءامرُ أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأةَ أن تسجدَ لزوجها»،رواه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما.