إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته، ولا زال المسلمون إلى يومنا هذا على ذلك.
 –    وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم شعره حين حلقه في حجة الوداع وكذلك أظفاره. فروى البخاري ومسلم حديث اقـتـسام الشعر حيث وزعه النبي بنفسه على بعض المسلمين وأعطى بعضا لأبي طلحة ليوزعه في سائرهم وكذلك أعطى بعضا لأم سليم. فكان المسلمون يتبركون به في حياته وبعد مماته فيغمسونه في الماء ويسقون هذا الماء للمرضى تبركا بأثر الرسول صلى الله عليه وسلم.
 
–    وجرى على ذلك الصحابة ومن بعدهم وتوارد ذلك السلف عن الخلف. فروى الحافظ ابن حجر في المطالب العالية أن خالد بن الوليد اعتمر عمرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم فلما حلق شعره أخذ خالد بن الوليد شعر الناصية ووضعها في مقدمة قلنسوته ، وكان يقول :” فما وجهت في وجه إلا فتح لي” .
 
–    وأما الأظفار فأخرج أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قـلـّم أظفاره وقسمها بين الناس.
 
–    وأما جـبـّـته صلى الله عليه وسلم فأخرج مسلم في صحيحه أن أسماء بنت أبي بكر الصديق أخرجت جـبـّة الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت : “هذه كانت عند عائشة فلما قبضت ( ماتت) قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبـسـها، فنحن نغسلها للمرضى يـسـتـشفى بهـا.”
 
–    وروى ابن الجوزي في مناقب أحمد بالإسناد المتصل إلى عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال: ” رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فيه ويـقـبـّـلـها ، وأحسب أني رأيته يضعها على عينيه، ويغمسها في الماء ثم يشربه يـسـتـشـفـي به ، ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جـبّ الماء ثم شرب فيها…”.ا.هـ.
 
–    وفي كتاب السير للذهبي ما نصه: ” قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر الـنبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فيه يقـبـلـّها. وأحسب أني رأيته يضعها على عينيه ويغمسها في الماء ويشربه يستـشفي به. ورأيته يشرب من ماء زمزم يستـشفي به، ويمسح به يديه ووجهه. قلت: أين المتـنـطـّـع المنكر على أحمد، وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويمـس الحجرة النبوية، فقال: لا أرى بذلك بأسـاً. أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع“. اهـ