إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

الصفة الثامنةُ: القُدرةُ
     – وهي صفةٌ أزليّةٌ ثابتةٌ لذاتِ الله تعالى ويصحُّ أن يقال قائمةٌ بذاتِ الله تعالى لأن المعنى واحدٌ لكن لا يقالُ ثابتةٌ في ذاتِ الله، والقدرة يتأتى بها الإيجاد والإعدامُ أي يوجدُ بها المعدومَ من العدمِ ويُعدمُ بها الموجود.
 
     – والبرهانُ العقليُّ على وجوبها لله تعالى هو أنه لو لم يكن قادرًا لكان عاجزًا ولو كان عاجزًا لم يُوجد شىءٌ من المخلوقاتِ، والمخلوقاتُ موجودةٌ بالمشاهدةِ. ثم العجزُ نقصٌ، والنقصُ مستحيلٌ على الله لأن من شرطِ الإلهِ الكمالُ.
 
     – وأما البرهانُ النقليُّ فقد وَرَدَ ذكرُ صفةِ القدرةِ لله تعالى في القرءانِ الكريمِ في عدةِ مواضعَ كقولِهِ تعالى: ﴿إنَّ الله هو الرَّزَّاقُ ذُو القوةِ المتين﴾ القوةُ هي القدرةُ، وقولِه تعالى: ﴿وَهُوَ على كلِّ شىءٍ قديرٌ﴾.
 
     – ثم إن القدرةَ لا تتعلقُ إلا بما يُجَوّزُ العقلُ وجودَهُ وهو الممكناتُ العقليةُ ويقال بعبارةٍ أخرى الجائزاتُ العقليةُ، فلا تتعلقُ القدرةُ بالواجِبِ العقليّ ولا بالمستحيلِ العقليّ أي ما لا يقبلُ الوجودَ، لذلك يمتنعُ أن يقال هل الله قادرٌ على أن يخلقَ مثلَهُ أو على أن يُعدمَ نفسَهُ، ومعَ ذلك لا يقالُ إنه عاجزٌ عن ذلك.