إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

   1.       الإحرام من الميقات.
   2.      والجمع بين الليل والنهار بعرفة على قول.
   3.      والمبيت بمزدلفة على قول.
   4.      ومنى على قول.
   5.      ورمي الجمرات الثلاث.
   6.      وطواف الوداع على قول.
ويدخل وقت الرمي والحلق والطواف بنصف الليل من ليلة العيد ويبقى الرمي إلى غروب الشمس من ءاخر أيام التشريق، وأما الحلق والطواف فلا ءاخر لوقتهما بل يبقيان ما دام حيًّا ولو طال سنين متكاثرة، وأما وقت الاختيار لهذه الأعمال فيبدأ فيه بجمرة العقبة على ترتيب الأفضل، والسنة أن يرميها بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدرَ رمح.
وأما الصحيح المختار في كيفية وقوفه ليرميها أَن يقف تحتها في بطن الوادي فيجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ويستقبل العقبة ثم يرمي، وقيل يقف مستقبل الجمرة مستدبر الكعبة.
والسنّة أن يرفع يده في رميها حتى يُرَى بياض إبطه، ولا ترفع المرأة.
والسنة أن يقطع التلبية بأول حصاة يرميها ويكبر بدل التلبية لأنه بالرمي يشرع. والمشروع مع الرمي أن يقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيرًا والحمدُ لله كثيرًا وسبحانَ الله بُكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ يحيي ويميتُ وهو على كل شىءٍ قدير، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياهُ مخلصينَ له الدينَ ولو كرِهَ الكافرون، لا إله إلا الله وحده صَدَقَ وعده وَنَصَرَ عبده وهزمَ الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله والله أكبر.
 ويجب أن يرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمرات الثلاث كل جمرة بسبع حصيات، فيأخذ إحدى وعشرين حصاة فيأتي الجمرة الأُولى وهي تلي مسجد الخَيف وهي أولهن من جهة عرفات وهي في نفس الطريق الجادة فيأتيها من أسفل منى ويصعد إليها ويعلوها حتى يكون ما عن يساره أَقل مما عن يمينه، ويستقبل القبلة ثم يرميها بسبع حصيات واحدة واحدة، ويكبر عقب كل حصاة كما سبق في رمي جمرة العقبة يوم النحر، ثم يتقدم عنها وينحرف قليلًا ويجعلها في قفاه ويقف في موضع لا يصيبه المتطاير من الحصى الذي يرمى به ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ويكبر ويهلل ويسبح ويدعو مع حضور القلب وخشوع الجوارح ويمكث كذلك قدرَ سورة البقرة.
ثم يأتي الجمرة الثانية وهي الوسطى ويصنع فيها كما صنع في الأولى ويقف للدعاء كما وقف في الأُولى إِلا أنه لا يتقدم عن يساره كما فعل في الأُولى لأنه لا يمكنه ذلك فيها بل يتركها بيمين ويقف في بطن المسيل منقطعًا عن أن يصيبه الحصى.
ثم يأتي الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة التي رماها يوم النحر فيرميها من بطن الوادي.
ويستحب أن يغتسل كل يوم للرمي.
ولا يصح الرمي في هذه الأيام إلا بعد زوال الشمس وهو ميلها عن وسط السماء لجهة المغرب.
وأما الموالاة بين رمي الجمرات ورميات الجمرة الواحدة فهو سنة على الأصح، وإذا ترك شيئًا من الرمي نهارًا فالأصح أنه يتداركه فيرميه ليلا أو في ما بقي من أَيام التشريق سواء تركه عمدًا أو سهوًا.
واعلم بأنه يفوت كل الرمي بأنواعه بخروج أيام التشريق من غير رمي ولا يؤدى شىء منه بعدها لا أداء ولا قضاء، ومتى تدارك فرمى في أيام التشريق فائتها أو فائت يوم النحر فلا دم عليه. ويستحب له الإِكثار من الصلاة في مسجد الخيْف، وهو في منى.
ويسقط رمي اليوم الثالث عمن نفر النفر الأَول وهو اليوم الثاني من أيام التشريق وهذا النفر وإن كان جائزًا فالتأخير إلى اليوم الثالث أفضل، ومن أراد النفر الأَول نفر قبل غروب الشمس ولا يرمي في اليوم الثالث.
واعلم أن من واجبات الحج فقط دون العمرة مبيت الحاج أي مروره في شىء من أرض مزدلفة بعد نصف ليلة النحر أي عيد الأضحى ولو لحظة ولو نائمًا ويسقط هذا عمن له عذر كأهل السقاية والرعي. وللإمام الشافعي قول بأن المبيت بمزدلفة سنة ليس واجبًا، فعلى هذا القول تاركه ليس عليه إثم ولا دم. ويجوز العمل به.
ومن واجبات الحج المبيت بمنى وليس المراد جميع الليل بل المراد أن يكون هناك معظم الليل أي ليلة اليوم الأول من أيام التشريق والثاني لمن خرج من منى في اليوم الثاني قبل الغروب. أما من لم يخرج من منى فأدركه غروب ليلة ثالث التشريق وهو بمنى وجب عليه المبيت بها أو يشترط أن يكون هذا النفْر أي مغادرة منى بعد الزوال وقبل المغرب، ويسقط وجوب هذا المبيت عن أهل السقاية أي الذين يشتغلون بالسقاية وعن أهل الرعي أي الذين لهم إبل يرعونها مثلا.
وهذا المبيت فيه قول للإمام الشافعي أنه سنة ليس واجبًا فعلى قولِ عدم الوجوب لا إثم على من ترك المبيت ولا دم.