إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
حديث (أحبوا العرب لثلاث لأني عربي، والقرءان عربي، وكلام أهل الجنة عربي) رواه العقيلي في الضعفاء والطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس.
خلاصة القولِ فيهِ أنه إمّا حسنٌ لغيره باعتبار مجموع الطرق وإما ضعيف ضعفًا خفيفا تجوز روايتُه في الترغيب والترهيب.
أما معناه فهو حسن المعنى صحيح، لكن الكلام في إسنادِه، وأما تفصيلا فقد استقصاه الحافظ شمس الدين السخاوي في المقاصد الحسنة وقال ما نصه (رواه الطبراني في معجميه الكبير والأوسط والحاكم في مستدركه والبيهقي في الشعب وتمام في فوائده وآخرون كلهم من حديث العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا يحيى بن يزيد الأشعري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه بهذا وابن يزيد والراوي عنه ضعيفان وقد تفردا به كما قاله الطبراني والبيهقي ومتابعة محمد بن الفضل التي أخرجها الحاكم أيضا من جهته عن ابن جريج لا يعتد بها فابن الفضل لا يصلح للمتابعة ولا يعتبر بحديثه للاتفاق على ضعفه واتهامه بالكذب، ولكن لحديث ابن عباس شاهد رواه الطبراني أيضا في معجمه الأوسط من رواية شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعا (أنا عربي والقرءان عربي وكلام أهل الجنة عربي) وهو مع ضعفه أيضا أصح من حديث ابن عباس، وأخرج أبو الشيخ في الثواب بسند ضعيف عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي هريرة مرفوعا (أحبوا العرب وبقاءهم فإن بقاءهم نور في الإسلام وإن فناءهم ظلمة في الإسلام) وفي حب العرب أحاديث كثيرة أفردها بالتأليف العراقي منها ما في الأفراد للدراقطني عن ابن عمر رفعه (حب العرب إيمان وبغضهم نفاق) وعن أنس مثله بزيادة أخرجه الديلمي وعن البراء أخرجه البيهقي في الشعب ولكنه قال إن المحفوظ من حديث البراء معناه في الأنصار قال وإنما يعرف هذا المتن من حديث الهيثم بن جماز عن ثابت عن أنس يعني كما أخرجه الديلمي، ومنها ما للبيهقي أيضا من حديث زيد بن جبير عن داود بن الحصين عن أبي رافع عن أبيه عن علي مرفوعا (من لم يعرف حق عترتي والأنصار فهو لأحد ثلاث إما منافق وإما لزنية وإما لغير طهور) يعني حملته أمه على غير طهور وقال زيد غير قوي في الرواية). انتهى
قال السيوطي في الجامع الصغير، المجلد الأول، باب حرف الألف (صحيح). اهـ
قال العجلوني في كشف الخفاء، حرف الهمزة ،الهمزة مع الحاء المهملة (أحبوا العرب لثلاث لأني عربي، والقرءان عربي، وكلام أهل الجنة عربي) وفي لفظ (وكلام أهل الجنة في الجنة عربي)، قال في الأصل رواه الطبراني والحاكم والبيهقي وآخرون عن ابن عباس مرفوعا بسند فيه ضعيف جدا، ورواه الطبراني أيضا عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ (أنا عربي والقرءان عربي وكلام أهل الجنة عربي)، وهو مع ضعفه أقوى من حديث ابن عباس، وأخرجه أبو الشيخ بسند ضعيف أيضا عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ (أحبوا العرب وبقاءهم، فإن بقاءهم نور في الإسلام، وإن فناءهم ظلمة في الإسلام) ورواه الدارقطني عن ابن عمر بلفظ (حب العرب إيمان وبغضهم نفاق) ورواه الدارقطني أيضا عن علي صفحة بلفظ (من لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب فهو لأحد ثلاث، إما منافق، وإما لريبة، وإما لغير طهور) يعني حملت به أمه في الحيض أو هو ولد زنا، وقد وردت أخبار كثيرة في حب العرب يصير الحديث بمجموعها حسنا، وقد أفردها بالتأليف جماعة منهم الحافظ العراقي ومنهم صديقنا الكامل السيد مصطفى البكري، لا زالت علينا عوائد الأفضال تجري، فإنه ألف بذلك رسالة نحو العشرين كراسة جمعت غرر الفوائد وجواهر القلائد، سماها الفرق المؤذن بالطرب، في الفرق بين العجم والعرب). اهـ
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد المجلد العاشر، تابع كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل العرب (وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحبوا العرب لثلاث لأني عربي، والقرءان عربي، وكلام أهل الجنة عربي) رواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال (ولسان أهل الجنة عربي) وفيه العلاء بن عمرو الحنفي وهو مجمع على ضعفه). اهـ
فالحديث بمجموع طرقِه حسنٌ لغيرهِ أو يرتقي من الضعف الشديد إلى الضعف الخفيف كما مر ولا بأس بروايتِهِ تَبَعًا للقواعد الحديثية، والله تعالى أعلمُ وأحكم.