إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

متى يبدأ رمضان
 
الرسول صلى الله عليه وسلم جعل رؤية القمر هي العلامة الدالة على دخول الشهر وفي ذلك يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته فإنّ غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما)، ومع وجود الفلكين العرب وأهل الحساب جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرؤية للقمر هي القاعدة في دخول الشهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنّا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا) يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين رواه البخاري ومسلم.
 
قال القاضي عياض في شرح الحديث [وصفهُ أيّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بالأمية وأنهم لايحسبونَ ولا يكتبونَ إذا كانوا لا يجهلون الثلاثين ولا التسع والعشرين ولم ينف عنهم معرفة مثل هذا الحساب وإنمّا وصفهم بذلك طرحاً للإعتداد بالمنازل وطرق الحساب]. اهـ
أي إننا لانعتمدُ الحساب لدخول الأشهر إلا بالرؤيا، وأغلب المسلمين اليوم لايعرفون حسابات الفلكين ولا يحسنونها تماماً، كما كان الأمر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالعرب كانوا يعرفون بالنجوم والفلك كما يعرف أحدنا اليوم طرق مدينته وكما ينظر الواحد منا في الساعة التى في يده لشدة معرفتهم بمنازل القمر والنجوم وارتباطهم بها للتأقيت والتأريخ ومع ذلك كله قيدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَ دخول الشهر بالرؤية والمشاهدة والعيانية.
 
روى مالك وأبو داوود والترمذي وغيرهم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإنّ غمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)، فوضحَ أنَّ الشهر ثلاثين ما لم يُر الهلال في التاسع والعشرين منه، و من قال أنَّ العبرة بغير الرؤيا فقد ردَّ ما أمرَ به النبيّ صلى الله عليه وسلم وما شرَعُهُ لأمتهِ حتى يوم القيامة، ولقد شدَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّ التشديد على مراعاة ترائي الهلال حتى إنه عندما قال بعض التابعين عن الهلال هو ابن ليلتين وقال بعضهم ابن ثلاث سألهم ابن عباس [أيُ ليلة رأيتوه] فقالوا ليلة كذا وكذا فقال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنَّ اللهَ مَدّه للرؤية [أي أطال مدته إلى الرؤية] فهو ليلة رأيتموه)، وهذا الكلام من النبي صلى عليه وسلم كافٍ في هدم كل ما يقوله البعض في أيامنا من أنَّ العلم تطور ولزم الأخذ بالحساب والفلك فليس لأحد كلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.