إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
السّحُور
يدخلُ وَقتُ السُّحُورِ بِمُنتَصَفِ اللَّيلِ ويَبقى إلى مَا قَبلَ الفَجر.
َتأْخِيرُ السَّحُورِ إِلَى ءَاخِرِ اللَّيْلِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ فَعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِى السَّحُورِ بَرَكَةً) رَوَاهُ البُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ.
تَسَحَّرَ أَكل السَّحورَ.
قَالَ الأَزهريُّ رَحِمَهُ اللهُ: السَّحور ما يُتَسَحَّرُ به وقت السَّحَرِ من طعام أَو لبن.
قال ابن الأَثير: هو بالفتح اسمُ ما يُتَسَحَّرُ به من الطَّعام والشَّراب، وبالضَّم المصدر والفعل نفسه.
قال ابن حجر في الفتح:
قَوْلُهُ (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً) (رواه البخاريُّ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِضَمِّهَا، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَيُنَاسِبُ الضَّمُّ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَحُّرِ، أَوِ الْبَرَكَةُ لِكَوْنِهِ يُقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ وَيُنَشِّطُ لَهُ وَيُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ فِيهِ فَيُنَاسِبُ الْفَتْحَ، لِأَنَّهُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ. وَقِيلَ: الْبَرَكَةُ مَا يُتَضَمَّنُ مِنَ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ، وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَهِيَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ، وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ، وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ، وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ، وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ.
ويَحْصُلُ السُّحُورُ بِأَقَلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْمَرْءُ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وفِي الحديث تسحروا ولو بجرعة ماء.