إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيرُكُم خَيرُكُم للنِّساءِ) رَوَاهُ الحَاكِمُ، مَعْنَاهُ الَّذِي يُحْسِنُ مُعَامَلةَ النِّسَاءِ أَيْ أَزْوَاجِهِ هُوَ أَفْضَلُ، أَفْضَلُ المُسْلِمينَ هُوَ الَّذِي يُحْسِنُ مُعَامَلةَ أَزْوَاجِهِ، يُعَامِلُهَا بِالتَّوَاضُعِ وَالعَطْفِ وَالرَّحْمَةِ وَبَشَاشَةِ الوَجْهِ وَالإِحْسَانِ وَالعَفْوِ إِذَا هِيَ أَسَاءَتْ، مَنْ كَانَ هَكَذَا هُوَ أَفضَلُ الرِّجَالِ لِأَنَّ الَّذِي يَكُوْنُ مَعَ امْرَأَتِهِ هَكَذَا يَكُونُ مَعَ الغَيْرِ هَكَذَا، يَكُوْنُ حَسَنَ الخُلُقِ، صَاحِبُ حُسْنِ الخُلُقِ دَرَجَتُهُ كَدَرَجَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَصُوْمُ صِيَامًا مُتَتَابِعًا وَيَقُومُ اللَّيْلَ.
الَّذِي يَتَواضَعُ وَيُسَامِحُ النَّاسَ الَّذِيْنَ أَسَاءُوا إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يُؤْذِي غَيْرَهُ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَى غَيْرِه وَيُحْسِنُ إِلَى النَّاسِ هَذا يُسَاوِي الرَّجُلَ الَّذِي يُصَلِّي نِصْفَ اللّيلِ مَثَلًا وَيَصُوْمُ كثِيْرًا، سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ فَوْقَ الفَرْضِ، التَّوَاضُعُ لِلْأَزْوَاجِ مَطْلُوْبٌ وَالعَطْفُ عَلَيْهِن هَذَا بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَتُهُ عِنْدَ اللهِ مِثلُ ذَاك.
الرَّسُوْلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حُسْنِ خُلُقِهِ لَمَّا يَكُونُ يَبِيْتُ فِي بَيْتِ إِحْدَاهُنَّ لِأَجْلِ الدَّوْرِ، لِأَجْلِ القَسْمِ، صَبَاحًا يَدُورُ عَلَى كُلٍّ، يَقِفُ عَلَى بَابِ هَذِه يَقُوْلُ السَّلَامُ عَلَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَعَلَى بَابِ هَذِهِ وَعَلَى بَابِ هَذِهِ، حَتَّى يَعُمَّهُنَّ كُلَّهُنَّ مِنْ شِدَّةِ تَوَاضُعِهِ، هُوَ بنَفْسِه يَقِفُ عَلَى بَابِ هَذِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهَا وَعَلَى بَابِ تِلْكَ حَتَّى يَعُمَّ الجَمِيْعَ، لَا يَنْتَظِرُ حَتَّى يَأْتِيْنَ هُنَّ فَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ، هَذَا حُسْنُ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ، أَمَّا أَكْثَرُ الأَزْوَاجِ يَتَرفَّعُونَ عَلَى زَوْجَاتِهِم، هَذَا خِلَافُ الشَّرْعِ، اللهُ لَا يُحِبُّهُ.