إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
حَدِيْثُ (الحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ) صَحِيْحٌ، رواه البخاري.
قَالَ ابْنُ المُلَقِّنِ فِي التَّوْضِيْحِ (المَعْنَى أَنَّ مَنِ اسْتَحْى مِنَ النَّاسِ أَنْ يَرَوْهُ يَأْتِي الفُجُوْرَ وَيَرْتَكِبُ المَحَارِمَ، فَذَلِكَ دَاعِيَةٌ لَهُ إِلَى أَنْ يَكُوْنَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ رَبِّهِ وَخَالِقِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنِ اسْتَحَى رَبَّهُ (1) فَإِنَّ حَيَاءَهُ زَاجِرٌ لَهُ عَنْ تَضْيِيْعِ فَرَائِضِهِ وَرُكُوْبِ مَعَاصِيْهِ) أَيْ قَدْ يَحْصُلُ هَذَا فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ مِمَّنْ يَدْفَعُهُ الحَيَاءُ إِلَى هَذَا.
وَلَيْسَ مَعْنَى الحَدِيْثِ أَنَّ كُلَّ حَيَاءٍ مَمْدُوْحٌ وَمَحْمُوْدٌ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ المُلَقِّنِ فِي نَفْسِ الكِتَابِ أَيْضًا وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّيْنِ) فَالحَيَاءُ المَذْمُوْمُ فِي الفِعْلِ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ التَّعَلُّمِ. اهـ
(1) فعل استحى لازم ومتعد، يقال استحى زيدٌ من عمرٍو، واستحى زيدٌ عمرًا، والحديث من شواهد استعماله متعديا.