إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

من معجزات رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم
 
القرءان الكريم.
حنين الجذع إليه.
نطق الجمل وشكواه إليه صلى الله عليه وسلم.
تفجر الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية.
رد عين قتادة بن النعمان بعد أن قُلعت.
تسبيح الطعام بين يديه صلى الله عليه وسلم.
نطق الشجرة وشهادتها له صلى الله عليه وسلم.
 
تفجُّرُ (12) الماءِ من بينِ أصابعِهِ بالمشاهدةِ في عدَّةِ مواطِنَ في مشاهِدَ عظيمةٍ وَرَدَتْ من طرُقٍ كثيرةٍ يُفيدُ مجموعُها العِلْمَ القطعيَّ المستفادَ من التَّواترِ المعنويّ (13) ولم يَحصُلْ لغيرِ نبيّنا حيثُ نبعَ من عَظْمِهِ وعصَبِهِ ولَحمِهِ ودَمِهِ وهذا أبْلَغُ من تفجُّرِ المياهِ من الحجرِ الذي ضرَبَهُ موسَى لأنّ خروجَ الماءِ من الحجارةِ معهودٌ بخلافِهِ من بين اللحمِ والدَّمِ، رواهُ جابرٌ وأنسٌ وابنُ مسعودٍ وابنُ عبّاسٍ وأبو ليلى الأنصاريُّ وأبو رافعٍ.
 
وقَد أخْرجَ الشَّيخانِ (14) من حديث أنسٍ بِلَفْظِ (رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقد حانَتْ صَلاةُ العَصْرِ والتمَسَ الوَضُوءَ (15) فلَم يَجِدُوهُ فأُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بوَضُوءٍ فَوَضَعَ يدَهُ في ذلكَ الإناءِ فأمَرَ النَّاسَ أن يتوضَّؤوا فرأيتُ الماءَ يَنْبُعُ من بَيْنِ أصَابعِهِ فَتوضَّأَ النَّاسُ حتَّى توضَّؤوا منْ عِنْدِ ءاخِرِهم) وفي روايةٍ للبُخاريّ (16) قالَ الرَّاوِي لأَنَسٍ كَم كُنْتُم قَالَ (ثلاثَمِائةٍ).
 
ورَوى البُخاريُّ ومُسْلمٌ (17) من حَديثِ جَابرٍ أيضًا (عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحدَيْبِيَةِ وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينَ يدَيْه رَكْوةٌ يتَوضَّأُ مِنْها فَجَهَشَ النّاسُ (18) فَقالَ (مَا لَكُمْ)؟ فَقالوا يَا رسُولَ الله ليسَ عندَنا ما نتَوضَّأُ بهِ ولا ما نَشْرَبُه إِلا ما بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوضَع يدَهُ في الرَّكْوةِ فَجعلَ الماءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أصَابِعِهِ كأمْثالِ العيُونِ، فشَرِبْنا وتَوضَّأْنا، فَقيْلَ كَمْ كُنْتُم؟ قالَ لَو كُنّا مائةَ ألفٍ لكَفَانا كُنّا خَمْسَ عشْرَة مائةً).
والتَّحقيقُ أنَّ الماءَ كَانَ يَنْبُعُ مِنْ نَفْسِ اللّحمِ الكائِنِ في الأصابعِ وبهِ صرَّحَ النّوويُّ في شَرح مسلمٍ (19) ويؤيّدُهُ قَولُ جَابرٍ (فَرأيتُ الماءَ يَخْرُجُ)، وفي رِوَايةٍ (يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أصَابِعهِ).
 
ومن مُعجزاتِه ردُّ عَينِ قتادَةَ بعدَ انقِلاعِهَا، فقَد روى البَيهقيُّ في الدّلائلِ (20) عن قَتادَةَ بنِ النُّعمانِ أنّه أُصيبَت عَيْنُه يَومَ بَدرٍ فسَالَت حَدَقَتُ على وجْنَتِه فأرادُوا أنْ يقْطَعُوها فسَألُوا رسُول الله فَقالَ (لا)، فدَعَا بهِ فغَمزَ حدَقَتَهُ براحَتِه، فكَانَ لا يَدْرِي أيَّ عيْنَيهِ أُصِيْبَت.
 
وفي هَاتينِ المعجِزَتينِ قالَ بَعضُ المادِحينَ شِعْرًا من البَسِيطِ:
 
إنْ كانَ مُوسَى سَقَى الأَسْباطَ من حَجَرٍ *** فإنَّ في الكفّ مَعْنًى ليسَ في الحجَرِ
إنْ كانَ عيْسَى بَرَا (21) الأَعْمَى بدَعوتِ *** فكمْ براحَتِه قدْ ردَّ مِنْ بَصَرِ
 
ومن مُعْجزاتِه صلى الله عليه وسلم تَسْبيحُ الطَّعَامِ في يَده، أخْرجَ البُخاريُّ (22) من حَديثِ ابنِ مَسْعُودٍ قالَ (كنَّا نأكلُ معَ النّبي صلى الله عليه وسلم الطَّعامَ ونَحنُ نَسْمعُ تَسْبيحَ الطَّعام).
 
وهَذه المعجزاتُ الثّلاثُ أعجَبُ من إحْياءِ الموتَى الذي هو إحدى مُعْجِزاتِ المسِيحِ.
 
12) إتحاف السادة المتقين (2 – 207).
13) الذي تواتر معناه ولم يتفق رواته على لفظ واحد.
14) أخرجه البخاري في صحيحه كتا المناقب باب علامات النبوة، ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب في معجزات النبي.
15) أي طلب ماء الوضوء.
16) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب باب علامات النبوة في الإسلام.
17) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب باب علامات النبوة، ومسلم في صحيحه كتاب الإمارة استحباب مبايع الإمام.
18) أي أقبلوا إليه.
19) شرح النووي على مسلم (7 – 475).
20) دلائل النبوة (3 – 100).
21) برا أصله برأ بهمزة مفتوحة فعل لازم ثم تركت الهمزة للوزن، والمعنى تعافى الأعمى بدعوة المسيح.
22) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب باب علامات النبوة.