إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ و آلِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ و الصالحينَ.
 
السعادة والنجاة لمن يكون على هذه العقيدة، عقيدة أهل الحق أن الله موجود غير متحيز في جهة لأنه ليس جرمًا، الجرم لا بد أن يكون له تحيز إما في الأرض وإما تحت وإما في فوق أو في هذه الجهة أو في هذه الجهة، أما الموجود الذي ليس جرمًا لطيفًا كالنور ولا جرمًا كثيفًا كالأرض والإنسان والشمس والقمر يصح كونه موجودًا من غير تحيز وهذا معنى قول الأئمة أئمة الهدى الذين نوّر الله بصائرهم فنفع بهم خلقه (مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك) يكفي في معرفة الله أن يعتقد وجوده من غير تحيز من غير أن يتصور أنه متحيز فوق أو في جهة من الجهات عملاً بقوله (ليس كمثله شىء) يكفي هذا، هذه هي معرفة الله، أما تشكيله وتصويره فهو كفر وضلال لأنه تشبيه له بخلقه من تصوره متحيزًا في هذه الجهة جعل له امثالاً الملائكة حافون حول العرش الذين لا يعلم عددهم إلا خالقهم على قول هؤلاء صاروا امثالاً لله في التحيز في جهة الفوق لا تكون السلامة من تشبيه الله بخلقه مع اعتقاد انه متحيز في هذه الجهة أو في غير هذه الجهة إنما السلامة بإثبات وجود الله من غير اعتقاد أنه متحيز في جهة من الجهات من غير اعتقاد أنه ملأ العالم الذي يعتقد أن الله ملأ العالم ما عرف الله والذي يعتقد انه متحيز في جهة واحدة ما عرف الله.
 
كان رجل يقول انه شيخ الطريقة الشاذلية يجتمعون عليه يعمل حضرة باسم الطريقة الشاذلية هذا مرة قال [الله ملأ السموات والأرض] بحسب الظاهر هو يظن نفسه شيخ الطريقة الشاذلية والذين حوله يعتقدونه شيخ الطريقة الشاذلية وهو جاهل بالله جاهل بخالقه قيل له هو يدعي أنه صوفي فجئته من طريق بعض الصوفية المتقدمين قيل له الشيخ عبد الغني النابلسي يقول في كتابه الفتح الرباني [من اعتقد أن الله ملأ العالم فهو كافر]، فسكت لا يعرف الحقيقة هو يدعي أنه شيخ الطريقة الشاذلية وحوله بشر يعملون معه الحضرة كل ليلة خميس يجتمعون عنده وهو بعدُ جاهل بخالقه لا يعرف الله قال [الله ملأ السموات والأرض] هؤلاء ضالون كفار وأولئك الذين يقولون أنه قاعد على العرش ضالون كفار الله تبارك وتعالى أمر عباده بأن يعملوا ما أمرهم به ثم لم يعطهم علم العواقب، الذي على العباد أن يعملوا ويكسبوا تأييد دين الله تعالى فإن حصل لهم ما قصدوا فذلك بغيتهم وإن لم يحصل ما قصدوا فالله تبارك وتعالى كتب لهم أجورهم على نياتهم.
 
الرسول أرسل سبعين من أكابر الصحابة إلى قبيلة من العرب قبل أن ينتشر الإسلام في كل قبائل العرب قبل أن تسلم كل قبائل العرب أرسل سبعين شخصًا ليعلموا الدين، طلب منه بعض القبائل أن يرسل لهم من يعلمهم الدين، أرسل سبعين شخصًا من الخيار والأكابر، اعترض لهم في الطريق قبل أن يصلوا إلى ذلك المكان بعض قبائل المشركة الكفار أبادوهم، الرسول حزن على ذلك شهرًا، كان يقنت يدعو الله في قنوته عليهم على أولئك القبائل التي تعرضت لهؤلاء الصحابة في الطريق فأبادتهم، هؤلاء عند الله لهم أجر عظيم، هؤلاء الصحابة الذين خرجوا بقصد تعلم الدين لوجه الله لهم أجر كبير لا يعلم قدره أحد إلا الله وإن كانوا أصيبوا في أجسامهم بالقتل لكن هم عند الله فائزون وأي فوز وأي فوز، وهكذا الذي يقصد الخير عليه أن يصحح نيته ويقول أنا أتوجه وأشغل جسمي بهذا الأمر لله تعالى ثم يكون الذي قدر الله، الذي يسعى لعمل يحبه الله تعالى لوجه الله تعالى ثم يحصل على مراده فله خير كثير والذي عمل فسعى ولم يحصل له ذلك المراد فله أيضًا أجر كبير عند الله ليس خاسرًا لا هؤلاء ولا هؤلاء ليسوا خاسرين بل كل رابحون عند الله، فامضوا على هذه الحال في المستقبل إلى ءاخر حياتكم، كل واحد ليوطن نفسه على أنه يعمل لله تعالى في كل ما فيه تأييد لدين الله وتأييد من يعمل لتقوية دين الله والدفاع عن دين الله على هذه النية ليبق كل واحد لأن من نوى نية حسنة ولم يحصل له ذلك المراد فهو عند الله رابح مأجور له أجر لا يُضعف همته بعمل البر بل يلزم أن يبقى على ذلك في المستقبل. اهـ
 
رحم الله من كتبه ومن نشره.