إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

حُكمُ منْ تَوَضَّأَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَقَدْ لَصِقَ بِظُفْرِهِ أَوْ بِذِرَاعِهِ الشَّىْءُ الْيَسِيرُ مِنَ الْعَجِينِ أَوِ الْقِيرِ أَوِ الزِّفْتِ
 
فِي كِتَابِ مَوَاهِبُ الْجَلِيلِ عَلَى مُخْتَصَرِ خَلِيل لِلشَّيْخِ الْحَطَّابِ الْمَالِكِيِّ مَا نَصُّهُ (لَمَّا تَحَدَّثَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْخَاتَمِ فِي رَسْمِ مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَكَرَ فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَقَدْ لَصِقَ بِظُفْرِهِ أَوْ بِذِرَاعِهِ الشَّىْءُ الْيَسِيرُ مِنَ الْعَجِينِ أَوِ الْقِيرِ (1) أَوِ الزِّفْتِ قَوْلَيْنِ وَقَالَ الأَظْهَرُ مِنْهُمَا تَخْفِيفُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو زَيْدِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْعُتْبِيَّةِ وَمُحَمَّدُ بنُ دِينَارٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلِ أَشْهَبَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْعُتْبِيَّةِ، قُلْتُ لا خَفَاءَ أَنَّ هَذَا فِي الْيَسِيرِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَأَمَّا ابْتِدَاءً [أَيْ إِنْ تَعَمَّدَ التَّلَوُّثَ بِهِ] فَلا بُدَّ مِنْ إِزَالَتِهِ وَكَوْنُ ابْنِ رُشْدٍ ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ عِنْدَ الْكَلامِ عَلَى الْخَاتَمِ مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ لَفْظَ الْمُؤَلِّفِ). انْتَهَى
 
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، باب أحكام الطهارة، فصل أحكام الوضوء، فضائل الوضوء (وَالْمُرَادُ بِالْوَسَخِ الْمُتَجَسِّدُ الْحَائِلُ الَّذِي يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ كَطِينٍ مَثَلًا أَمَّا الْوَسَخُ الْغَيْرُ الْحَائِلِ فَلَا يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ).
 
فالوَسَخُ الذي تَحتَ الأظَافِر عندَ رَفع الحدَث الأكبر يُعفَى عنه، حتى عندَ المالكيّة الشّىء الذي يَبقَى على الجلد مِن نَحوِ الشّمْع والبُويَا (مادَّةٌ تُطْلَى بها الأَشْياءُ) إن كانَ قَليلا يُعفَى عنه ولو لم يكن الشّخص مِهنَتُه بالبُويا إنّما هوَ دَهَنَ بَيتَه بها وبقِيَ على جِلدِه شَىء قَليلٌ يُعفَى عنه، أمّا الشّوكَةُ الظّاهرَةُ فتُقلَع أمّا إن كانت غَاصَت تَحتَ الجِلْد فيُعفَى عنه.
 
(1) الْقِيرُ هُوَ شَىْءٌ أَسْوَدُ يُشْبِهُ الزِّفْتَ تُدْهَنُ بِهِ السُّفُنُ وَفِي هَذَا فُسْحَةٌ لِمَنِ ابْتُلِيَ بِمِهْنَةٍ يُزَاوِلُ فِيهَا الزِّفْتَ وَنَحْوَهُ، فَمَنْ أَرَادَ الْعَمَلَ بِهِ فَلْيُقَلِّدِ الْقَائِلِينَ بِهِ.