إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

في المذهب المالكي النوم الثقيل ينقض الوضوء قصيرا كان أم طويلا وأما النوم الخفيف لا ينقض طويلا كان أو قصيرا وعندهم قول إن النوم الثقيل القصير لا ينقض، فقد قال الشَّيخُ الإِمَامُ العالِمُ العَلاَّمَةُ عبدُ البَارِي العَشْمَاويُّ الرفاعيُّ صاحب كتاب متن العشماوية في الفقه المالكي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى (فَالنَّوْمُ وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ طَوِيْلٌ ثَقِيْلٌ يَنْقُضُ الوُضُوْءَ، قَصِيْرٌ ثَقِيْلٌ يَنْقُضُ الوُضُوْءَ، قَصِيْرٌ خَفِيْفٌ لاَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ، طَوِيْلٌ خَفِيْفٌ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الوُضُوءُ).
 
ويقول العلامة أبو محمد عبد الواحد بن عاشر الأندلسي الفاسي المالكي في متنه المشهور المسمى المرشد المعين على الضروري من علوم الدين (فصل) نواقض الوضوء من بين ما ذكر:
 
وَغَائِـطُ نَـوْمُُ ثَقيـلُُ ُمَـذْيُ *** سُكْـرُ ُوَإِغْمَـاءُ جُنونُ وَدْيُ
 
وجاء في التلقين في الفقة المالكي للقاضي الفقيه أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي (المتوفى 422هـ) كتاب الطهارة باب ما يوجب الوضوء وما ينقضه بعد صحته (وأما أسباب الأحداث فهي ما أدت إلى خروج الأحداث غالباً وذلك نوعان أحدهما زوال العقل بالنوم والسكر والجنون والإغماء، فأما النوم المستثقل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم في اضطجاع أو سجود أو جلوس أو غير ذلك وما دون الاستثقال يجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود ولا يجب في الجلوس) انتهى كلام القاضي رحمه الله.
 
ولزيادة الفائدة نقول (بعضُ الصّحابة وبعضُ التّابعِين قالوا لا يَنقُض النّومُ الوضوءَ بالمرّة، إن نامَ وهوَ قائمٌ أو نامَ وهوَ سَاجِد، وقَالُوا لا يَنْقُضُ النَّوْمُ الوُضُوءَ بالمَرَّةِ إنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَو فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.
بعضُ السّلَف النّوم عندهم مُطلَقًا لا يَنقُض الوضوء، هو مَا جَاءَ فِي نَقْضِ النَّوْمِ الوُضُوءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ).