إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
جواز إمامة المرأة للنساء هو القول الراجح عند الأئمة
إمامة المرأة للنساء فلا بأس بذلك وقد أمت النساء عائشة رضي الله عنها وأم سلمة رضي الله عنها في الفرض والتروايح، قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (حديث عائشة أنها أمت نساء فقامت وسطهن) رواه عبد الرزاق ومن طريقه الدارقطني والبيهقي من حديث أبي حازم عن رائطة الحنفية عن عائشة أنها أمتهن فكانت بينهن في صلاة مكتوبة.
وروى ابن أبي شيبة ثم الحاكم من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤم النساء فتقوم معهن في الصف.
وحديث أم سلمة أنها أمت نساء فقامت وسطهن، الشافعي وابن أبي شيبة وعبد الرزاق ثلاثتهم عن ابن عيينة عن عمار الدهني عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة عن أم سلمة أنها أمتهن فقامت وسطًا، ولفظ عبدالرزاق (أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا) ومن طريقه رواه الدارقطني، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق قتادة، عن أم الحسن أنها رأت أم سلمة تقوم معهن في صفهن. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (وأخرج محمد بن الحسن من رواية إبراهيم النخعي عن عائشة أنها كانت تؤم النساء في شهر رمضان فتقوم وسطًا). اهـ
وروى عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال (تؤم المرأة النساء تقوم في وسطهن). اهـ
وروى أحمد وأبو داود والحاكم والدارقطني وابن خزيمة والبيهقي والدراقطني والطبراني في الكبير، واللفظ لأبي داود، عن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ خَلاّدٍ عن أُمّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ الله ابنِ الْحَارِثِ، قال (وكَانَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا في بَيْتِهَا، وَجَعَلَ لَها مُؤَذّنًا يُؤَذّنُ لَها، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمّ أَهْلِ دَارِهَا). اهـ قال عَبْدُ الرّحْمَنِ (فأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا). اهـ
وفي مسند أحمد والمعجم الكبير للطبراني وغيرهما (وكانت قد جمعت القرءان) وقال الدارقطني (إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها). انتهى
قال ابن قدامة في المغني (وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها كذلك رواه الدارقطني، وهذه زيادة يجب قبولها ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه). اهـ
فجواز إمامة المرأة للنساء هو القول الراجح عند الأئمة وهو قول الشافعية والحنابلة وتقف إمامتهن في وسطهن وهذا هو فعل الصحابيات والتابعات لهن بإحسان.
وقد جاء في روضة الطالبين للنووي الشافعي (وإن كانت امرأة صح اقتداء النساء بها ومثله في مغني المحتاج للشربيني الشافعي). اهـ
وجاء في المغني لابن قدامة الحنبلي (هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة فروي أن ذلك مستحب وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء عائشة وأم سلمة وعطاء والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحق وأبو ثور). اهـ
وجاء في المبدع في شرح المقنع لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي (وإذا صلت امرأة بالنساء قامت في وسطهن في الصف ومثله في المغني والعدة وغيرهما). اهـ
قال الإمام شيخ المالكية بالعراق القاضي عبد الوهاب بن علي في الإشراف على نكت مسائل الخلاف (إمامة المرأة) مسألة: لا يصح الائتمام بالمرأة للرجال والنساء وأجازه أبو ثور وغيره للرجال والنساء وأجازه الشافعي للنساء ورأيت لابن أيمن مثله عن مالك والمذهب هو الأول، فدليلنا قوله صلى الله عليه وسلم (أخروهن حيث أخرهن الله) وفي الائتمام بهن خلاف ذلك وقوله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) وهذا ينفي تقديمهن ولأن الأنوثية نقص لازم مؤثر في سقوط وجوب الصلاة فكان مؤثراً في منع الإمامة كالرق والصغر ولأن كل من لم يصح أن يكون إماماً للرجال لم يصح أن يكون إماماً للنساء كالمجنون والصبي.