إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
إنما البيع عن تراض
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ وألِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ و الصالحينَ.
قال الله تعالى (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، فكل ما يقوله الإنسان يسجله الملكان رقيب وعتيد ولا يجوز لنا ان نتكلم بما يخالف شرع الله قال الله تعالى (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)، وقد ثبت في الأثر الصحيح أن عبد الله بن سلام وهو من أكابر أصحاب النبي اشترى جارية بسبعمائة درهم ثم باعها بأربعة ءالاف وقد اجمع الفقهاء على أن الربح ليس له حد معين لا يجوز تجاوزه إلا ما يروى عن أحمد بن حنبل من قول ضعيف أن الغبن الفاحش لا يجوز إلا أن يعلم المشتري بأن سعره مرتفع وسوى هذا القول الضعيف كل الفقهاء قالوا يجوز الربح بلا تعيين حد له، وقال الحنفية إذا بيع الغريب بغبن فاحش جاز له الرد بعد العلم.
ويكفي في المسئلة قول الله تعالى (إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه وغيره (إنما البيع عن تراض) وما ثبت في الحديث الصحيح أنه لما غلا السعر قيل للرسول سعر لنا فأبى وقال (إن الله هو المسعر) معناه أنا لا أحدد السعر، الله إذا شاء جعل السعر مرتفعا أو منخفضا.
أما قول بعض العوام حرام عن رفع السعر بلا غش ولا كذب ولا تدليس فهو فاسد مخالف للشرع فليتق الله، من أراد النجاة في الاخرة من العذاب ولا يقدم على التكلم بالرأي والهوى فإن هذا من اسباب الهلاك، فقد روى البخاري أن سيدنا عليا قال (لو كان الدين بالرأي لكان مسح الخف من اسفله لكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الخف من أعلاه).