إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

قال أحد العلماء المجتهدين ناصحا بعض النّساء:
 
فإياكن والتسويف، فالرسول ذكر أن النساء يسَوِّفن أي يؤخّرن عملَ الخير الذي فرضه الله عليهنّ لأمور الدنيا، يؤثرن أمور الدنيا على أمور الآخرة هذا حال أكثر النساء فإياكنّ أن تكنَّ مثلَ أولئك فتحرمن خيراً كثيراً عند الله تبارك وتعالى ثم من أرادت منكن ان تعَلّم شخصاً الصلاة فلا تعطه من أول الأمر سنن الوضوء وفرائض الوضوء وسنن الصلاة مع فرائضها لأنه إن انتظر ذلك أي إلى أن يتعلم سنن الوضوء والفرائض، وسنن الصلاة وفرائضها يتأخّر على هذا الإنسان الدخول بأداء الصلاة هذا يُعلَّم الفروضَ فقط يقال له اغتسل من الجنابة إن كنت جنباً وإلاّ فتوضأ ثم استقبل القبلة تقولُ الله أكبر ثم اقرأ الفاتحة وإن كان لم يحفظ الفاتحة يقتدي بمن يحفظها تصح صلاتُه عند الإمام مالك وأبي حنيفة والإمام أحمد، المأموم ليس عليه قراءة الفاتحة عندهم، عند هؤلاء الأئمة الثلاثة ما عليه المأموم إذا ظل ساكتاً لم يقرأ شيئا غير أنه قال الله أكبر عند الابتداء ثم لما يركع الإمام يركع ثم لما يسجد الإمام يسجد ثم لما يجلس الإمام في الأخير يجلس يكفي ذلك عند بعض الأئمةِ لو لم يعرف التّشهد، لو لم يعرف الفاتحة، قبل أن يعرف الفاتحة صار يصلي جماعة يقتدي بواحد أو المرأة تقتدي بامرأة مثلها (1) أو برجل من غير قراءة الفاتحة تقف معه صحت الصلاة عند الإمام مالك وأبي حنيفة والإمام أحمد، عندهم المأموم قراءة الإمام له قراءةٌ لكن تعلم الفاتحة فرض على كل بالغ عاقل لكن إن فرَضْنا أن إنساناً لم يحفظ الفاتحة فإما أن يقتدي بانسان يعرف الفاتحة فتكون قراءة الإمام له قراءة وإمّا أن ينظر في المصحف، في ورقة يكتب الفاتحة فيقرأ نظراً من الورقة الفاتحة إذا لم يكن حفظها، أو يلقّنُه إنسان إن كان لا يعرف الكتابة لا يعرف الخطّ يقف إنسان بجانبه يلقّنه الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقول له الحمدُ لله ربّ العالمين وهكذا إلى أن تنتهي الفاتحة ويلقنه كلمة كلمة صحت.
 
الحاصل أنه لا يجوز أن يترك الشخص البالغ تمضي عليه أيام قبل أن يبدأ بالصلاة بحجة أنه ما تعلم أمور الصلاة يبدأ بالصلاة بأسرع ما يمكنه وحتى لا تفوتَه فريضة من الفرائض، بعض الناس ينتظرون حتى يتعلّموا هذه الأشياء كلها مع النوافل مع السنن، سمع الله لمن حمده سبحان ربي الأعلى سبحان ربي العظيم إلى غير ذلك، يؤخرون الابتداء بالصلاة حتى يتعلّموا كل هذا فيمضي عليهم أيام فيكونون كُتِبت عليهم ذنوب كثيرة لأن كل فرض من فرائض الصلاة إخراجها عن وقتها ذنب كبير.
 
إخراجُ صلاةٍ واحدة عن وقتها ذنب كبير لا يقال لهم ذلك بل يعلّمون الضروريات فقط، الضروريات هي هذه يتطهر أي يرفع الحدث إن كان عليه جنابة يعمّم جسده بالماء مع النية وإن كان محدِثاً حدثاً أصغَر انتقض وضوؤه يغسل وجهه ويديه مرّة مرة ويمسح رأسه مرة ويغسل رجليه مرّة مرة، ثم يستقبل القبلة من دون أن يقول نويت أن أصلي فرض الظهر أربع ركعات مستقبلاً القبلة كما تعود بعض الناس، يقول الله أكبر مستقبلاً القبلة ثم يقرأ الحمد لله ثم يركع لو لم يقرأ شيئاً في ركوعه ثم يرفع ثم يسجدُ لو كان ساكتاً لا يذكر شيئاً ثم يسجد من غير أن يقول شيئاً كسبحان ربي الأعلى لأن هذا ليس فرضاً لكن إن قاله أحسن، ثم في الجلوس الأخير يقرأ التحيات ثم يصلّي على النبي ثم يسلّم هذا مذهب الإمام الشافعي وعند مالك التّحيات ليست فرضاً عنده الفرض مما يُقرأ في الصلاة هو التكبير عند الدّخول، الله اكبر، ثم الفاتحة ثم قول السلام عليكم بعد أن يجلس ويطمئن قليلا قدرَ ما يقال سبحان الله، يجلس هذا القدر ثم يسلم يقول السلام عليكم مرةً واحدة هذا الفرض عند الإمام مالك لا يجوز للإنسان أن يمضي أياماً أو شهراً أو شهرين بنية أنه ما تعلم الفرض والنفل والسنن كلها لا يجوز له أن يؤخِّر الابتداء بالصلاة إلى أن يتعلم هذه الأشياء كلّها. اهـ
 
(1) قال الإمام شيخ المالكية بالعراق القاضي عبد الوهاب بن علي في الإشراف على نكت مسائل الخلاف (إمامة المرأة) مسألة: لا يصح الائتمام بالمرأة للرجال والنساء وأجازه أبو ثور وغيره للرجال والنساء وأجازه الشافعي للنساء ورأيت لابن أيمن مثله عن مالك والمذهب هو الأول، فدليلنا قوله صلى الله عليه وسلم (أخروهن حيث أخرهن الله) وفي الائتمام بهن خلاف ذلك وقوله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) وهذا ينفي تقديمهن ولأن الأنوثية نقص لازم مؤثر في سقوط وجوب الصلاة فكان مؤثراً في منع الإمامة كالرق والصغر ولأن كل من لم يصح أن يكون إماماً للرجال لم يصح أن يكون إماماً للنساء كالمجنون والصبي.
 
وحكى القرطبي عن علماء المالكية فقال (وقال علماؤنا لا تصح إمامتها للرجال ولا للنساء) كما في الجامع لأحكام القرءان.