إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

إذا تاب الإنسان من الذنب ولكنه عاد إليه فهل هذا يعني أن قلبك لم يتب أم أن الشيطان يغريك؟ بعبارة أخرى إن نظفت قلبك من الذنب ولكن الذنب يعاودك فهل هذا يعني أن التوبة لم تكن نصوحا أم أن هذا شىء طبيعي بسبب إغراء الشيطان لك؟
 
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، إن تاب توبة صادقة بشروطها يمحى ذنبه، ثم إن عاد مرة أخرى كتب عليه ذنب جديد ولكن لا يتجدد عليه الذنب الماضي الذي تاب منه، وأما التوبة النصوحة فهي أعلى درجة وهي التي لا يكرر صاحبها الذنب الذي تاب منه.
 
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (التّائِبُ منَ الذَّنبِ كَمَنْ لا ذَنبَ له) رواه ابن ماجه في سننه، وإن المؤمن قد يرتكب صغيرةً أو كبيرةً والتوبة منهما واجبة، فمن باب أولى الكافر الذي صدّ عن دين الله وكذّب أنبياء الله فهو مع الهالكين إن لم يتب بالرجوع إلى الإسلام، فهنيئا لمن سلك طريق الصالحين وثبت على منهج الأنبياء واتبعهم اتباعا كاملا فهو في الآخرة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصّديقين والصالحين وحسُن أولئك رفيقاً، فمن وجد أنه في غفلة وأراد أن يعالج ذلك، فالأمر ليس بمجرد البكاء، بل أن يتوب توبة كاملة والتوبة الكاملة هي أن يتوب المرء من كل الذنوب التي سبق وتلوث بها، وأما التوبة غير الكاملة فهي أن يتوب من بعض ويظل منغمسًا ببعض، وأما التوبة النصوح فهي أن يتوب من الذنب وﻻ يعود إليه، وأما التوبة غير النصوح فهي أن يتوب توبة حقيقية ثم يعود فيها بعد فيتلوث بالذنوب والخطايا.
الله تبارك وتعالى فتح باب التوبة وأمرنا في القرءان الكريم نحن معاشر المؤمنين بالتوبة فقال (وَتوبوا إلى الله جميعًا أيُّها المُؤمِنونَ لعلَّكم تفلحون) سورة النور31.
 
وشروطُ التَّوبةِ:
1) النَّدم يعني التّحَسُّرُ في القلبِ، يقولُ في قلبِهِ مثلًا يا ليْتَني لمْ أفْعَلْ، وإنْ بَكَى فهذا خيْرٌ لكنْ لا يُشْتَرَطُ البُكاءُ، والندَمُ أَسَفًا على عَدَمِ رِعَايَةِ حَقِّ اللهِ، أمَّا إِذَا نَدِمَ لأَمرٍ دُنيَوِيٍّ كَأَن يَندَمَ على قتلِهِ لِوَلدِهِ لأنَّهُ وَلدُهُ، ليسَ أَسَفًا على عَدَمِ رِعَايَةِ حَقِّ اللهِ، أَو نَدِمَ لأجلِ الفضيحَةِ بَينَ الناسِ أَو نَحوِ ذلِكَ، فهذَا لَيسَ الندَمَ الذي هو رُكنُ التوبَةِ، وَلا يَكونُ ذلِكَ توبَةً مُعتَبَرَةً أَي ليسَت هيَ تَوبَةٌ صَحيحَةٌ في حُكمِ الشرعِ.
 
2) وكذلكَ العَزْمُ على أنْ لا يَعودَ لِمِثْلِ هذا الذَّنْب، يَنْوي في قلبِهِ أنْ لا يَعود.
 
3) والأمرُ الثالثُ الإقْلاعُ، يَترُكُ هذا الذَّنبُ وإنْ كانَ هذا الذَّنبُ يتَعَلَّقُ بِحَقِّ إنسانٍ قَضاهُ أو اسْتَرْضاهُ. وإنْ كانَ يتعَلَّقُ بِتَرْكِ فرضٍ كالصّلاةِ قَضَى ما فاتَهُ مِنْ هذه الصّلَوات، هكذا تكونُ التّوبةُ.