إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
بيان لعظيم حقِّ الرّجل على المرأة و حكم السّجود لإنسان
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ وءالِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحينَ.
ثبت بالإسناد الصّحيح في صحيح ابن حبّان أنَّ معاذ بنَ جبل رضي الله عنه أتى إلى الشّام فوجد أهل الشّام يسجُدُون لبَطَارِقتِهم ثم رجع إلى المدينة فسجد لِرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (ما هذا)؟ فقال يا رسول الله إني أتيت الشام فوجدت أهل الشام يسجدون لبطارقتهم وأنت أولى بذلك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (لا تَفعل لو كنت ءامر أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
في هذا الحديث أحكامٌ عدة منها أن السجود لغير الله لا يكون دائمًا كفرًا مع أنه إظهار نهاية التذلل لله تعالى، والسّجُود لِغيْرِ الله مُحرَّمٌ على الإطلاق، إذا سجد إنسانٌ لإنسانٍ في هذه الحالَة لا يكون مشركاً إنما يكون عاصيًا وذلك إن قصد احترامه فقط دون رفع هذا الشخص إلى منـزلة الألوهية، هذا بالنسبة لشريعة محمد أما بالنسبة لشريعة من قبل رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كان سجودُ إنسانٍ لإنسان للاحترام دون العبادة كان جائزًا، ولكن هذا نُسِخَ وهذا بوضع الجبهة، أما الانحناء لِلمسلم فهو مكروهٌ.
وقد ورد حديثٌ قريبٌ من الصحيح في فضل معاذ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعلَمُكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل)، وقوله عليه الصلاة والسلام (لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها) وذلك لبيان عظيم حقِّ الرجل على المرأة.
ومثال ما نَسخته شريعة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من الأحكام الّتي أنزلها الله على سيّدنا محمّّد صلّى الله عليه وسلّم على خلاف ما كانت في شرع الأنبياء السّابقين الصّلاة في أي مكانٍ من غير مكان مخصوص الرّّسول قال (جُعلت لي الأرض مسجدًا وتُربتها طهورًا)، أما الأنبياء قبله كانت لا تجوز الصّلاة لهم إلا في موضعٍ مخصوص، لكنّ بني إسرائيل أحلّ الله لهم الصّلاة في بيوتهم قال تعالى ﴿واجعلوا بيوتَكم قِبلة﴾. ومثالٌ ءاخر أنّهم إن لَم يجدُوا الماء كانُوا يترُكُون الصّلاة حتّى يجِدُوا الماء فهذه الأمّة شُرعَ لها أن تصلّيَ بالتّيمّم.
ويؤخذ من الحديث أن السجود لغير الله يكون في حالٍ حرامًا، قال الله تعالى ﴿وخَرُّوا له سُجَّدًا﴾ أي بوضع الجبْهة ولم يُحرِّمه الله عليهم، كذلك فسّر العلماء سُجود الملائكة لآدم عليه الصّلاة والسلام، وذلك دليلٌ على أنّه كان جائزًا ثم نُسِخ في شريعة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك الاستغاثة بغير الله ففي حالٍ جائزٌ لا معصية فيه، وفي حالٍ كفرٌ وذلك إذا عظّم المستغاثَ به تعظيمَ الله عز وجل، وتكون جائزةً إن زار مثلاً أحد الصالحين أو الأنبياء واستغاث بهم، كأن يقول (اللهم بحق هذا النّبي وفّقني أو اقضِ لي حاجتي).
والله سبحانهُ تعالى أعلم وأحكم وسُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.