إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ وألِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحينَ.
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ) حَدِيثٌ قُدْسِيٌّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَفْضَلُ وَأَوَّلُ فَرْضٍ هُوَ الإِيـمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي صَدَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِقَالَ اللَّهُ أَوْ يَقُولُ اللَّهُ أَوْ بِمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، أَمَّا الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ فَمَا صَدَّرَهُ الصَّحَابِيُّ بِقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ أَعْظَمَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ هُوَ أَدَاءُ فَرَائِضِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الأَكَابِرِ (مَنْ شَغَلَهُ الْفَرْضُ عَنِ النَّفْلِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَمَنْ شَغَلَهُ النَّفْلُ عَنِ الْفَرْضِ فَهُوَ مَغْرُورٌ) ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، فَالْعَمَلُ بِالْفَرْضِ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ أَكْثَرَ مِنَ الْعَمَلِ بِالنَّوَافِلِ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْدِيمِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَفْضَلُ الأَعْمَالِ عَلَى الإِطْلاقِ هُوَ الإِيـمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.