إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ) مَعنَاهُ يَخْفِضُونَ أَجْنِحَتَهُمْ تَوَاضُعًا لَهُ لِأَنَّهُم يُحِبُّونَ الَّذِى يَخْرُجُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنَ الشَّأْنِ الْعَظِيمِ الَّذِى يَكُونُ لَهُ.
وعنْ أبي الدرداءِ رضيَ اللهُ عنهُ قال سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول (مَنْ سلَكَ طريقًا يلْتَمِسُ فيه عِلْمًا سهّلَ اللهُ لهُ بهِ طريقًا إلى الجنة وإنَّ الملائكةَ لتَضَعُ أجْنِحَتَها لِطالِبِ العلمِ رِضًى بِما يصْنع وفضلُ العالِمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ وإنَّ العُلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنّ الأنبياءَ لمْ يُوَرِّثوا دينارًا ولا دِرْهَمًا إنّما ورَّثوا العِلمَ فمَنْ أخذَهُ أخذَ بِحَظٍّ وافرٍ)، فأقْبِلوا يا أحبابَنا على تعَلُّمِ عِلمِ الدينِ ومُذاكرَتِهِ وتَطْبيقِهِ وتعليمِهِ ومُدارَسَتِهِ فَبِهِ يُعرَفُ الحلالُ والحرام وبهِ يُمَيَّزُ بينَ الحسنِ والقبيحِ وبينَ الطيِّبِ والخبيثِ وبينَ الحقِّ والباطل وهو إمامُ العملِ والعملُ تابِعُهُ، يُوَفَّقُ لأخذِهِ السُّعَداء ويُحْرَمُهُ الأشقياء.
قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ يُرِدِ اللهُ بهِ خيرًا يُفقِّههُ في الدّين)، أخي الكريم، انظرْ في حالِكَ فإنْ كنتَ منَ الذينَ لمْ يتعلّموا الفرضَ العينيَّ مِنْ علمِ الدينِ فأنتَ بعيدٌ منَ الخيرِ قريبٌ منَ الشيطانِ وفي خطرٍ كبيرٍ فاسْتَدْرِكْ وفَّقكَ الله وأسْرِعْ إلى طلبِ العلمِ بالتلَقي منَ الثقاتِ الذين أخذوا هذا العلمَ الشريفَ بسند متصل إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأقبِلْ على حضورِ مجالسِ العلمِ قبلَ فواتِ الأوان.
نسألُ اللهَ تعالى أنْ يُثَبِّتَنا على تعلُّمِ علمِ الدين وأنْ يزيدَنا علِمًا وأنْ يُوَفِّقَنا للعملِ بما تعلّمْنا مُخْلِصينَ لهُ سبحانَهُ وتعالى والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.